';function Lazy(){if(LazyAdsense){LazyAdsense = false;var Adsensecode = document.createElement('script');Adsensecode.src = AdsenseUrl;Adsensecode.async = true;Adsensecode.crossOrigin = 'anonymous';document.head.appendChild(Adsensecode)}}

قصة زنزانتي المتجولة (الجزء2)

 

 قصة زنزانتي المتجولة (الجزء2)

زنزانتي المتجول

بعدما تخلّف كعب بن مالك عن القافلة العسكرية المتجهة للغزو؛ ندم على فعلته وفي نفس الوقت أراد أن يخلق لنفسه الأعذار والحجج 
تابع الجزء الأول للقصة من خلال الضغط👈 هنا👉
              

عاد الغزاة من معركه تبوك وسمعت الناس يتحدثون فيما بينهم عن تفاصيل المعركة،
وكيف أنّ بعض الصحابة الكرام قد أبلوا بلاءاً حسنا؛ وما سمعه عن أن أبا ذر عندما أبطأه بعيره
وظن القوم أنه تراجع مع المنهزمين وعجز عن معالجة بعيره، عزم على حمل متاعه على ظهره وتبع أثر الجيش
وأثناء استراحة الجيش في الطريق رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شخص قادم من بعيد
فقال رسول الله:
"كن أبا ذر"...

وما هي إلا خطوات حتى تأكّد الجميع أن الشخص القادم إليهم "أبا ذر"
واندهشوا بلحاقه سيرا على الأقدام!!
فقلت في نفسي أين أنتما يا "أبا قيس" وصاحبك "عبد الله بن أُبي" لتسمع الرد على افتراءاتكما على الصحابة
ورحت ألوم وأوبح نفسي مرة أخرى ماذا سأقول لرسول الله لماذا لم تكن يا "كعب" مثل "أبي ذر"
هل فضّلت نفسك على نبيك صلى الله عليه وسلم؟!
فأجيب نفسي بنفسي لا والله...
إذا ما أصابك يا "كعب" هل فضّلت حياة الدنيا على نعيم الآخرة وصحبة رسول الله!؟
لا والله كلا.. كلا ما أنا هكذا!؟
هل سينعتني رسول الله بالنفاق!!
يا إلهي إنّ قلبي يتقطّع حسرة وندم.

رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقبل إليه الناس فرحين بلقائهم وأولهم المنافقون.
أسرعوا للاعتذار منه ورسول الله أعلم بما في نفوسهم
فقد أطلعه الله على هؤلاء المنافقين ويحسبون أنفسهم صادقين أمام رسول الله
ويحسبون أنفسهم قد خدعوا رسول الله بكذبهم هذا فعفا عنهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم
وأنزل الله قوله تعالى فيهم "فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون

ووقعت في حيرة من أمرين أحلاهما مر!!
هل أكذب على رسول الله كما فعل المنافقون!؟
لا لن أجرا على هذا الفعل هل أقول الحقيقة!؟
أخاف من هذا الموقف المخزي أمام رسول الله والمسلمين جميعا..
لم أحسب حساب هذه الوقفة المخزية إنها جزائي وأقل من جزائي.

لحظتها وجدت نفسي أمام رسول الله وجها لوجه وقد قطّب حاجبيه معبّرا عن غضبه عليّ ثم قال لي:
تعالى يا "كعب" ما منعك من اللحاق بجماعة المسلمين ألست واحدا منهم!؟
سالت من عيني دمعة ساخنة ما دمعت مثلها من قبل، حاولت اخفائها لكن عليّ أن أتحمّل جريرة فعلي
استجمعت قواي وعزمت على قول الصراحة فهذا أهون الأمرين
"نعم يا رسول الله والله ما كان لي عذر..."
وانتظرت قول رسول الله فيما سيقول عني.

فقال لقد صدقت فقم حتى يقضي الله فيك..
شعرت وقتها براحة كبيرة من ثقل الجبل الذي أنهك عاتقي
وانفرجت أسارير الزنزانة التي عصرت على صدري مدّة من الزمن لم أشعر فيها بالارتياح ولم أذق طعم النوم
وبعدها التقيت بجماعة من قبيلة بني سلمة فأنكروا عليّ فعلتي وراحوا يلومونني في اعترافي
وبيّنوا لي أنه يكفي الالتزام بالاستغفار لقوله تعالى "من يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"
لكن نفسي رضيت وارتاحت بما فعلت فكل ما كان يهمني أن تفارقني هذه الزنزانة المتجولة ويصفح عني رسول الله
ولا يغضب مني وأنا أعلم علم اليقين أن الله غفورا رحيما

وبعدها رحت أسأل القوم هل أنزل الله عقاباً على المتخلفين؟
وعرفت أن الرسول ينتظر وحي الله وحينها ما لبثت حتى لاحظت اجتناب الناس لي انتشر بين الجميع
وصرت منبوذا كالبهيمة الجرباء وتغير الناس من حولي فعرفت أن حكم الله قد نزل واعتزلني الناس ولم يكلموني
فقبلت عقابي بنفس راضية هذا جزائي..
صدق المثل العربي حين قال "يداكا أوكتا وفوك نفخ"
احتسبت المغفرة والأجر عند الله لكن بهذا العقاب قد عدت إلى سجني إلى زنزانة متجولة أشدّ وأضيق من الأولى
فهذه المرة عذاب النفس وعذاب الناس لي باعتزالهم اياي

أطفقت هائما أطوف في البلاد هنا وهناك وأشعر بنظرات الناس وكأني غريب بينهم
إنه شعور أرّقني وأنهكني إلى حد لا يطاق ولم أجد مكانا في البلاد كلها أنزوي فيه لأرتاح قليلا من هذا السجن المقيت حتى أدركت أن أتوجه إلى مسجد رسول الله لعلي أجد فيه ما يخفّف عنّي هذا المصاب
وأنا مستحي جدا من رسول الله عند دخول المسجد ألقيت السلام لعلّ رسول الله أو أحدا من الحاضرين يردّ السلام؛
لكن أيقنت أنّي ما زلت غريبا بين قوم كانوا لي الأهل والخلّان
وقمت أصلي وبعدها حاولت أن أرقب نظرات رسول الله
ويالا عظيم فرحتي لمّا أدركت أنّ رسول الله كان يلقي عليّ بنظرات بين الحين والآخر
فإذا ما أقبلت عليه بوجهي والتفت نحوه أعرض عني فارتاحت نفسي قليلا
وعلمت أني لم أخرج من قلب رسول الله وإنما هي لحظات عقوبة لتطهير نفسي من رجس ما أوقعه بي الشيطان
ونفسي الأمّارة بالسوء

وما أقصاها من عقوبة أصابت فؤادي فأدمته، ولكن بوركت جراح قلبي إذا كان هذا التطهير لها ممّا أفسدته الأيام التي خلت وكنت طوع إرادتها.
متى سأنجو من هذه المحنة وهذا الألم النفسي؟
 صبّرت نفسي بجمال تطهير النفس من براثم الذنوب والأثام.
غدوت أروح وأرجع هنا وهناك حتى سئمت حالي واستندت على جدار أحد البساتين أفكّر..
وسرحت بخيالي أن أذهب إلى أحد أعزّ الأقارب والأصدقاء حتى خطر على بالي صديقي وابن عمي "أبي قتادة"
وأحب الناس إليّ فخاطبت نفسي قائلا:
سأتوجه إليه لعلّه يخفّف ما بي من حزن وكرب وضيق شديد
فلمّا وصلت إلى داره تردّدت وتراجعت عن الأمر لأني أُدرك رغم محبة ابن عمي لي إلّا أنّه لن يخالف أمر رسول الله ويلتزم به كما إلتزم به جماعة المسلمين في اعتزالي
كما أنه لا يمكنني احراجه و ايقاعه في موقف كهذا 

ثم قلت في نفسي:
سأجرب حظي لربما أجد في نفسه شفقة وأجرب محبته لي.
اعتليت جدار البستان ودخلت أبحث عن ابن عمي "أبي قتادة" حتى وجدته في أحد أركان البستان جالسا
ألقيت عليه السلام فأعرض عني
أعدتها مرة ثانية فلم يجب فقلت له:
أما تعلم أن رد التحية واجب فلم يجبني وأشاح بوجهه عنّي
فأتيت قبالة وجهه وقلت: أما تعلم أني أحب الله ورسوله فسكتَ ولم يجب بكلمة فاشتدّ بي الألم والحزن وأنا أتوسل إليه
يا أبا قتادة أناشدك الله أما تعلم أني أحب الله ورسوله؟
فردّ علي بجملة واحدة: الله ورسوله أعلم ثم انصرف مولياً ظهره لي

عدت أدراجي حزينا وقدماي لم تعد قادرة على حملي عيناي تبصران ولا تدركان
وأنا أتجول في السوق حتى قَدِم إليّ رجل وكان قد سأل عني فدلوه الناس إلى مقصده
فجاء إليّ يحمل في يده كتابا من الملك غسان من بلاد الشام ودفعه إليّ استغربت الأمر فقلت له:
يبدو أنك مخطئ في مقصدك فقال لي أولست كعب بن مالك!؟
فقلت: بلى.
فقال: اذا فهذا الكتاب لك
فتحت الكتاب لأقرأ ما فيه وليتني ما فتحته.

إن ملك الشام "غسّان" يطلب قدومي عندهم حتى يواسوا حزني ويقول أني في أرض هوان ومضيعة ..
يا الله أما يكفيني ما أنا فيه من بلاء حتى أتيت أنت يا "غسان" تنكئ جراحي وتنغّص عليّ
والله كلا وألف كلا لن أخذل رسول الله ولن أرضى على نفسي أن أترك هذه المدينة الطاهرة
وأنا المتيّم بحب الله ورسوله لألحق بك يا عدو الله!!
والله إنّ جفوة محمد وصحبه لي أحب إليّ من قربك ومؤانستك
لقد ذقت حلاوة الإيمان والحب الحقيقي لرسول الله بعد معصيتي السابقة لعلّ الله يغفر لي 

قرّرت أن أعتزل الناس وألزم بيتي مرّت الساعات الطوال وأنا جالس سارح بخيالي في حالي الذي يأسر الخاطر
حتى سمعت صوت طرق الباب ينادي باسمي استبشرت خيرا لربما قد نزل حكم بأمري وإذ به رسول الله يخبرني أنّ رسول الله يأمرك باعتزال زوجتك انصدمت من الخبر وبهذا الامتحان والمصيبة الشديدة التي حلّت بي
فوق كل ما أنا به من سوء الحال
ماذا تقول أعتزل زوجتي هل أطلقها!؟
لا فقط اعتزلها ولا تقربها.

حزنت على حالي حزنا شديدا وأمرت زوجتي باللحاق بأهلها خوفا من أن يوقعني الشيطان في مخالفة أخرى
التزمت سطح بيتي وأنا في خلوة مع ربي في توبة صادقة أبتهل وأتقرّب إلى الله بالدعاء والذكر
وبعد مرور10 أيام بتمامها وكمالها على هذا الحال جاء المنادي ينادي يا كعب استبشر خيرا والحق برسول الله
لحظتها انغمرت في بهجة وفرحة ما ذقت مثلها من قبل.
وأسرعت إلى رسول الله والناس ينظرون إليّ ووجوههم مهللّة فرحا بي وبقبول توبتي
وأنا أكاد أحلّق في السماء فرحا...

أقبلت على رسول الله ووجهه مسرورا منيرا كأنّه القمر وهو يهنئني بأجمل عبارة سمعتها في حياتي..
"أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك" طارت نفسي فرحا في السماء عالية
وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟
قال رسول الله لقد نزل الوحي البارحة قال تعالى "وعلى الثلاثة الذين خلّفوا حتى اذا ضاقت بهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم"
أمّا الاثنين فهم "مرارة ابن الربيع" و"هلال بن أمية"
نعم لقد تخلّصت من زنزانتي المتجولة وولدت من جديد إنها ولادة صادقة مفعمة بالايمان وحب الله ورسوله.

يشرفنا أن نقدم لكم الأفضل فيما يخص قصص وشخصيات خلّدها التاريخ يمكنكم زيارة فسم شخصيات تاريخية
👈من هنا👉

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-