';function Lazy(){if(LazyAdsense){LazyAdsense = false;var Adsensecode = document.createElement('script');Adsensecode.src = AdsenseUrl;Adsensecode.async = true;Adsensecode.crossOrigin = 'anonymous';document.head.appendChild(Adsensecode)}}

قصة ابراهيم ابن المهدي

لإبراهيم بن المهدي

 قصّة ابراهيم ابن المهدي

                   قصة اليوم  تلخص مفهوم قيمة الوفاء وكيف أن الأخلاق الرفيعة تعود على صاحبها من حيث لا يحتسب 

كانت مدينة بغداد تعيش ظروفا سياسية صعبة؛ نتيجة فشل مخطط "ابراهيم ابن المهدي"
في الانقلاب على "الخليفة العباسي المأمون".
وفي اللّيالي المكتملة البدر؛ كان هناك ثلاثة نسوة محجبات بالكامل يقطعن الطريق في وقت متأخر من اللّيل،
رآهن الحارس المكلّف بحراسة المكان،
وكان "الخليفة المأمون" قد جعل مكافأة 1000 درهم لمن يلقي القبض على خصمه "ابراهيم بن المهدي"

استغرب الحارس من خروج هؤلاء النسوة في مثل هذا الوقت،
أراد أن يستفسر منهنّ؛ وما الدواعي التي دفعتهن للخروج في وقت كهذا؟
استوقفهن و بادر بالسؤال إلى أين وجهتكن!؟ ومن الذي دفعكم للخروج في هذا الوقت المتأخر!؟
لم يجد أي جواب، ثم أعاد السؤال مرة أخرى ينتظر الإجابة
حتى رأى يدا تمتد إليه وتدّس له خاتما ثمينا من الياقوت؛

تفاجأ وسارع بمناداة المسؤول وأمر بالكشف عن وجههّن غير أنهن امتنعن عن ذلك
استحى الحارس أن يكشف عن وجههنّ عنوة؛ فقد يكون الأمر غير ما طرأ على باله
وبعد الحاح كشفت اثنتين عن وجههن والثالثة رفضت
عندها زادت الريبة لدى الحارس وهمّ بالكشف عن وجه من أعطته الخاتم.
واختار أن يتحمّل المسؤولية مهما كانت العواقب، فإنه أمام أمر لابدّ من اتخاذ كامل الاجراءات
خصوصا وأنه كل يوم يتلقى الأوامر بتشدّيد الحراسة
فمدّ يده ورفع النقاب…وصاح يقول… إمرأة لها لحية يا للخبث!!.

همّ الرجل بالهروب، لكن الحرس ألقى القبض عليه ووضع القيد على رجله؛
أما المرأتين أنكرا أنهما يعرفانه إنه ليس معهم وإنما لحق بهم وفقط.
وأخذه إلى قائد الجسر فلمّا رآى القائد الرجل المكبّل في القيد، صاح يقول:
إنه هو... هذا الرجل الذي يطلبه "الخليفة"
وأحكموا ربطه حتى لا ينفلت من بين يديهم مهما حاول، وأخذوه إلى دار الخلافة
استقبله "المأمون" بعبارات ساخرة...

أهلا بالخليفة المهزوم؛ أهلا بالهارب المتنكر بزي النساء..
أمر الخليفة بزجّه في غرفة مظلمة.
قضى "ابراهيم ابن المهدي" ساعات ليله الطويلة وكأنها شهر؛
وهو ينتظر لحظات المجيء به "للمأمون" ليقطع رأسه
وبأي وجه سيقابل الخليفة الذي ثار عليه ونادى بخلعه
ونصّب نفسه خليفة مكانه قرابة سنتين من الزمن.

وفي صباح الغد نقل الحراس "ابراهيم" إلى قاعة القصر ووضعوا على كتفيه اللّباس الذي كان متخفيا داخله.
وكان في وضع مذل ومخزي، والحرس والداخلين "للمأمون" ينظرون إليه بنظرات التشفّي والسخرية
انقضى اليوم كله ولم يكلّم فيها أمير المؤمنين عمّه "ابراهيم بن المهدي"
وهو يتمنى أن تُخسف به الأرض وتبلعه لما يشعر به من عذاب النفس ينتظر الخلاص ويتعجّل الموت.

حلّ الليل وانصرف الجميع إلى بيوتهم، وتوجّه "المأمون" إلى غرفته.
وقضى "ابراهيم" ليلته قابعا في مكانه على ركبتيه
مرّ اليوم الثاني والثالث أيضا بنفس الوضع و"إبراهيم" يصارع الطعنات والهواجس
ويقاسي مرارة الندم على فعلته الشنيعة
في اليوم الرابع يقدّم أمام "الخليفة" وهو في صراع عنيف يخشى مواجهة ابن أخيه "المأمون"
وكيف يواجه عظيم ذنبه أمامه!!؟

بادر "ابراهيم بن المهدي" بالسلام بعدما تلعثم لسانه، ونطقها بصعوبة
وما إن أنهى نطق التحية، حتى رأى عينا "الخليفة" جاحظتين وتعبّر عن استشاطة غضب مفزعة ليردّ عليه:
"لا سلّمك الله"...
استجمع "ابراهيم ابن المهدي" قواه وحاول امتصاص غضب ابن أخيه "المأمون"؛
ما استطاع من عبارات التودّد واللطف والعفو مخاطبا إيّاه قائلا:
إنّ النفس لأمارة بالسوء؛ فإن ثأرت فمن حقك،
وإن تعفو وتحسن إلى رحِمَك فالله يحب المحسنين والعافين عن الناس؛ فما بالك بعمّك
وما إن سمع "المأمون" هذه العبارات حتى انفرجت أساريره ورقّ لحاله
وكان من طبع "المأمون" الحِلْم والعفو والسماحة.
وراح "ابراهيم" يتلطّف بأبيات شعرية لعلّه يجد في نفس "المأمون" ما يشفع له:

ذنبي إليك عظيم            وأنت أعظم منه     
فخذ بحقك أو لا            فاصلح بحلمك عنه
إن لم أكن في مقامي      من الكرام فكنه
أتيت ذنبا عظيما          وانت للعفو أهل
فإن عفوت فمَنُُ           وإن جزيت فعدل

خاطبه "الخليفة" قائلا:
شاورت أخي وابني وأشاروا بقتلك دون تردد!!!
لحظات قليلة حتى رأى "المأمون" عمّه ينزل دمعات ساخنة على خدّيه
فقذف الله الرحمة في قلب "الخليفة" واستلّت ما في نفسه من أحقاد التي دفنتها السنين..
وما يبكيك يا عم!؟
ابراهيم: إن جرمي عظيم وحِلم ابن أخي أعظم من ذنبي،
وما تبقى من العمر أكثر ممّا مضى فإن عفوت هذا كريم لطفك وإن اقتصيت فهذا حقك

توجه "المأمون" إلى أعماق نفسه ليقرّ بما اطمئنت له سريرته وخاطب عمّه قائلا:
لقد حُبّبَ إليّ العفو حتى خفت أن لا أجازى عليه،
ولو عرف الناس لذّة العفو التي تملّكتني لتقربوا إليّ بالجنايات
وأردف قائلا: يا عم وبحق النسب والمنزلة التي بيننا
"لا تتريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين"
أقبل "إبراهيم" على "الخليفة" لتقبيل رأسه ويده من شدّة الفرح
وأمر "الخليفة المأمون" وزيره، بأن يردّ لعمه أمواله وممتلكاته
وانجلى الحقد وساد الحب بين العم وابن اخيه...

وفي جلسة مؤانسة وسمر، طلب "الخليفة" أن يسرد له قصته وهو هارب يلاحقه الجند
وكيف كان يقضي أيامه؟
أراد "ابراهيم" أن يشارك ذكرياته هذه مع ابن أخيه ويبحث عن أهم ما يؤنس "الخليفة"
هذا يا ابن أخي قضيت هاتين السنتين بعيدا عن بيتي وأهلي
وأنا أتنقل بين المؤيدين لرأيي في الانقلاب وتولي الخلافة وكل منهم أقيم عنده لبضعة أيام أو أسابيع

ولمّا كشف أمري وسمعت بملاحقة الجنود لي أدبرت هاربا…
وذات مرة وأنا متنكر؛ رأيت عبدا أسودا في آخر الشارع يقف أمام بيته،
فذهبت إليه وطلبت منه أن يدرك عطشي من هذا الحر القائظ
وأن أستريح عنده ساعة من الزمن،
وسرعان ما بادلني بالابتسامة ورحابة صدر وأدخلني بيته وأعطاني شربة ماء
وبعدها استأذن مني بالخروج إلى السوق وسيعود قريبا

خُيّل إليّ أنه ذاهب للإبلاغ عنّي، احترت في أمري.
ولمّا عاد سمعت وكأنه اصطحب الجنود معه
اختبئت وراء الباب وحملت حديدة لأدافع بها عن نفسي
دخل الرجل وجال ببصره في الغرفة لم يجدني في مكاني
حتى رآني خلف الباب وبيدي الحديدة استغرب!!
وسرعان ما قلت له لقد عُدتَ سريعا حسبتك لص !!
ورأيته يحمل في يده اللحم والخبز،
وقلت في نفسي، لا يبدر هذا من شخص يريد الايقاع بي ليحصل على هدية "الخليفة"
لو كان كذلك لأتى بالشرطة بدل اللحم والخبز؛
استحيت من نفسي عمّا ظننته به.

وراح يحضّر الغداء وأكرمني أجود كرم؛ وبعدما انتهينا من الأكل وتَحلّونا ببعض الفاكهة
تقدّم إلى خزانته وأتى بالعود واستسمح مني أن يطلب مني طلب!!
استغربت منه؛ وقلت له: تفضل وهل لي حق أن أرفض؟
ردّ عليّ قائلا: أطربنا ببعض الغناء بهذا العود!!
تجاهلت أني أجيد الغناء وقلت له وكيف عرفت أني أحسن الغناء؟
قال: وكيف لا أعرفك أنت مولانا وخليفتنا بالأمس.
أنت "ابراهيم ابن المهدي" الذي جعل "الخليفة المأمون" لمن دلّ عليه ألف درهم!!.

تسمّرت في مكاني عمّا أسمع!!
تبادلنا أطراف الحديث واستجبت لطلبه.
وبعدها خلُدنا إلى النوم في قيلولة ثقيلة...
استيقظت حتى المغرب وبعدها أخبرته بضرورة الانصراف لأتستّر بحلول الظلام
وقدّمت له كيس الدنانير؛ وكان يشتغل في عمل الحجامة وقوته قليل.
وأبَى أن يأخذه مني وأعاد إليّ الكيس وتودّد إليّ بالبقاء عنده؛
فإن الصعاليك والطامعين في هدية "الخليفة المأمون" منتشرون في كل مكان.

شعرت بثقل الإقامة عنده، خاصة أنه رفض أخذ كيس الدنانير؛
إستأذن مني للخروج إلى السوق مرة ثانية لشراء العشاء، واغتنمت فرصة خروجه؛
وكان معي زي النساء لبسته وتسترت بالملحفة وتنقّبت بالبرقع وخرجت من الدار؛
وتركتك كيس الدنانير عنده.
وأنا في الطريق أسير دون أن أعرف وجهتي والخوف والهواجس تملّكتني،
والوساوس تهاجمني من كل مكان؛ أنّ كل من يراني يحسّسني أنه يراقبني، حتى وأنا متنكّر

وأنا أعبر الجسر وحركاتي الغريبة ومشيتي تدلّ أن وراء هذا اللباس إنّما هو رجل،
حتى رمقني أحد الجنود ممّن كان بخدمتي وكان مصاحب لي طوال الوقت يعرف صفاتي وحركاتي
حتى تبعني بفرسه وصاح قائلا:
إنه المطلوب.. إنه حاجة "الخليفة"؛ ومسك بملحفتي وحاولت الخلاص منه
مسكت بالملحفة وهو متمسك بها بقوة، فأوقعته أرضا من أعلى فرسه
وتركت الملحفة في يده وهربت
وما إن وصل الناس لإسعافه، تمكّنت من الهرب دون أن يراني أحد

دخلت احدى الزقاق فرأيت إمرأة واقفة عند الباب تسمع ضجيج الناس يسعفون الجندي وماذا هناك؟
استنجدت بها يا أختاه...
احقني دمي فإني ملاحق من الجنود
وسرعان ما لبّت طلبي وأغاثت لهفتي وأدخلتني البيت بغرفة في سطح المنزل.
جاءتني بكأس الماء وهدّأت من روعي
وما كدت أنهي شربة الماء حتى سمعت طرق الباب بقوة فتجمّدت في مكاني من الهلع
ومن نافذة السطح رأيت بعض الرجال يحملون الرجل الذي أوقعته من فرسه والدماء تسيل من رأسه..

يا إلهي يبدو أنه زوجها؛ وأدركت أني هالك لا محالة وسمعتها تقول: ما هذا!؟ ما بك!؟
ردّ عليها قائلا: لقد عثرت على "ابراهيم ابن المهدي" وفلَت من بين يدي
لقد ضاعت مني الهدية.
عصّبت المرأة رأس زوجها وأدخلته غرفته ليرتاح
ورحت أنا ألوم حظي العاثر..
واستسلمت للأمر الواقع؛ وتمثّلت لي نفسي مقطوع الرأس.

وأنا أسمع المرأه تصعد السلم قادمة إليّ؛ وأنا ألفظ أنفاسي بين الحياة والموت.
حتى قالت لي أظنك أنت الفاعل بزوجي هذا والمطلوب "للخليفة"؟!
أدعنت للأمر وقلت لها: نعم أنا هو.
حتى قالت لي: لا بأس عليك لا تخف،
وأكرمتني ببعض الزاد من الأكل وطلبت مني أن أغادر قبل أن يكشف أمري
فطلبت منها ملحفة أتستر بها. وشكرت لها فضلها عليّ وانصرفت بهدوء إلى حيث لا أدري؛
وأنا أسير في ظلمة هذا الليل، حتى تذكّرت مولاة كانت لنا، توسّمت عندها الأمان والوفاء؛
توجّهت إلى بيتها وكان قريبا، وما إن رأتني حتى ابتهجت برؤيتي
و تظاهرت بالحزن إلى ما آلت إليه حالتي وشعرت حينها أني بأمان وسكن.

ذهبت لأغتسل وأزيح ما بي من تعب وخوف وارهاق كي أستريح قليلا
حتى سمعت صوتا خلف الباب أحسست أني في قبضة الجند
وبسرعة فائقة توجهت نحو سطح المنزل ورأيت المولاة معها قائد الشرطة ومعه الجند وهي تقول له:
ادخل إنه بالداخل...
ولذت بالفرار من سطح إلى سطح حتى وصلت آخر الشارع..
رأيت امرأتين تريدان عبور الجسر، تبعتهم حتى ساقني القدر إلى المثول أمامك.

وما أن أنهى "ابراهيم ابن المهدي" قصّته "للخليفة"
علت وجهه أمارات الاستفزاز والسخط على الخونة الذين غذروا بعمّه.
أصدر أمر باحضار كل من العبد الحجام والمرأة وزوجها الجندي، والمولاة.

لمّا تمثّل المدعوين أمام "الخليفة" بادر بالاستفسار منهم عمّا بدر منهم من وفاء وخيانة "لإبراهيم المهدي"
بدأ بإدخال المولاة، واستفسر منها عن سبب غدرها "بإبراهيم" بعد أن كان سيّدها وأغدق عليها بالخير والكرم…
ما حملك على خيانتك للأمان الذي استأمن نفسه عندك!؟
قالت: الرغبة في الحصول على المال؛ فأنا امرأه فقيرة الحال.
الخليفة: أو تبحثين عن المال مقابل الخيانة أيتها اللعينة؛ أمر بجلدها جزاء نفاقها وخيانتها الوفاء بالأمان.

ثم أمر بادخال الجندي وزوجته
بدأ بالجندي، لما فعلت ما فعلت وقد كنت خادمه وكان يحسن إليك أيّما إحسان!؟
قال الجندي: إنه المال والطمع بالهدية يا سيدي
المأمون: كما غدرت به لأجل المال ستغدر بنا وبخدمتنا
فأنت جندي خائن ولا يليق لك أن تكون في خدمة الخلفاء؛
فأمر له أن يكون منظفا للمدينة.

ثم وجّه السؤال إلى زوجته؛ وأنت يا سيدة النساء كيف ساعدتيه على الفرار بعدما أن علمت ما فعله بزوجك
وأنه هو المطلوب "للخليفة" ولم ترغب في أخذ الهدية أنت وزوجك!؟
المرأة: إنها إغاثة الملهوف والوفاء بعهد بدر مني
حينها تذكّرت ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن آية النفاق إذا أؤتمن خان
فأعجب بها الخليفة المأمون وأدخلها القصر وأكرمها أيّما اكرام
وكلفها بأعمال تليق بأمانتها وبراتب شهري يحفظ كرامتها وأولادها؛

ثم أمر للعبد الحجّام وعبّر له عن مروءته ووفائه وإخلاصه وأخلاقه
وجعله من الجنود المقربين إليه وأكرمه بالهدايا والعطايا
كما لم ينس فضل الجندي الذي ألقى القبض على "ابراهيم" رغم حصوله على خاتم الياقوت الثمين
اخلاصا في عمله وتنفيذا لطلب "الخليفة"
إنه الوفاء...

                                             للمزيد من القصص المشوقة أكثر تابع من 👈هنا👉

كما يسعدني عزيزي الزائر الإشتراك معنا في صفحات التواصل الإجتماعي ليصل كل ماهو جديد ومميز
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-