![]() |
قصة الجميلة والوحش |
زمان في ذلك الزمن الذي فات يحكى أن هناك تاجر غني رزقه الله بثلاث فتيات جميلات
أصغرهن كانت فائقة الذكاء والرقّة واللطف والحنان بأبيها وكعادته كتاجر،
شهريا يذهب ويسافر إلى المناطق المجاورة ليستزيد بالبضاعة والسلع المختلفة التي يتاجر
بها في مهنته ومثل كل مرة يسأل كل واحدة من بناته عن الهدية التي تريد أن يحضرها لها من سفره
كل واحدة منهن اختارت هديتها
أما البنت الصغرى قررت هذه المرة أن تطلب من أبيها طلب غريب دون تكلّف
وكانت هديتها أن يحضر لها وردة بيضاء ناعمة فوّاحة العطر من أزهار الأقحوان.
استغرب الأب لطلبها
الأب: فقط هذا ما تريدين!!
البنت: نعم يا أبي وهذه أجمل هدية يمكن أن تحضرها لي
لأني أحب رائحة الزهور، خاصة زهرة الأقحوان
وفي طريق عودة التاجر إلى بيته أخذ يبحث في الغابات عن حقول الأزهار
وأثناء مسيره تصادف بقصر تحيط به حقول واسعة من الأزهار المختلفة
تترنح عليها الفراشات هنا وهناك فاندهش بجمال وروعة الأزهار وبهائها وعطرها الفّواح
اتّجه نحو هذه الزهور بهّية الألوان يتوسط الحقول وينتقل من مكان إلى آخر يبحث عن زهرة الأقحوان
حتى عثر عليها وكانت هذه الحقول على مقربة من قصر الملك.
همّ التاجر بقطف الوردة وما إن قطفها حتى ظهر له الوحش الكبير
ففزع الأب المسكين خوفا من هذا الكائن الغريب
وهو ينظر إليه بنظرات مخيفة مفزعة وقد توعده الوحش بقتله جرّاء قطفه للزهرة دون استئذان،
توسل الأب إلى الوحش واستسمحه واعتذر منه لكن دون جدوى،
أمام وحش نُزعت الرحمة من قلبه وعلّمته الحياة القساوة على الآخرين.
جثى الأب على ركبتيه يتوسل الوحش: ...
"أطلق سراحي أرجوك أطلق سراحي"،
لدّي ثالث بنات ينتظرن قدومي هلّا أشفقت على حالهن
رفض الوحش وأصرّ على معاقبته وهنا طرأت فكرة غبية على عقل التاجر
وأخبره بأن يهبه إحدى ابنتيه مقابل الوردة التي قطفها
وقد كان الوحش وحيدا داخل هذه القصر فأعجب الوحش باقتراحه ووافق على طلبه
على أن يأتيه في صباح الغد مع ابنته التي قرّر أن يهبها له.
عاد الأب إلى بناته مهموما حزينا مكسور الخاطر يشغل تفكيره كيف يتصرف مع هذه الورطة
التي ورّط نفسه فيها ومن هي التي يختار أن يضحي بها
فهن الثلاثة عزيزات على قلبه محبوبات إلى فؤاده لا يستطيع مفارقة إحداهن ولا أن يفرق بينهن
وصل الأب إلى بناته وأخبرهن بالقصة وما حدث له أثناء سفره
وترك لهن الحل المناسب وبعد تفكير طويل أشفقت الفتاة الكبرى
على أبيها جدا وقررت أن تضحي بنفسها مقابل سلامة أبيها وسلامة إخوتيها.
كما أن الأب لابد له من أن يفي بوعده ولا يحق له أن يخلف به وإلّا ستكون العاقبة وخيمة.
كانت الفتاة الكبرى جميلة طيبة هادئة وكان قرارها بأن تكون كبش الفداء
وهذا نابع عن طيب خاطر وحبا لأبيها وإخوتها فهي الكبرى لابد أن تضحي بدل إخوتيها الصغيرتين
في صباح الغد توجهت الفتاة الجميلة هي وأبيها بخطىً متثاقلة نحو القصر
إلى واقع مجهول وهي خائفة والأب يستسمحها ويعتذر لها
من هذا المصير الذي وضعها فيه بسبب فعلته في قطف الزهرة.
وصلا إلى القصر بعد عناء ومشقة المسير
انبهرت الفتاة من جمال القصر والزهور المحيطة به وكأنها قطعة من الجنة على الأرض
استقبل الوحش الفتاة وأبيها وأدخلهم داخل القصر
وانبهر بجمال الفتاة الساحر الأخّاذ ونعومة ملامحها
كانت ملامح وجه الوحش غريبة يتصف بذراعين يملأهما الشعر
وأنياب بارزة كأنياب الذئب و مخالب كمخالب السباع
وصوته كزئير الأسد داخل عرينه
أيقنت الفتاة أنها أمام وحش في هيئة إنسان وقلبها يرتجف خوفا
ودّع الأب ابنته بدموع منهمرة كالشلال وابنته تبادله نفس المشاعر
مطمئنة أباها: لا تخف سأكون بخير لا تنسى زيارتي وأخوتي
أُغلقت أبواب القصر وانفردت الحسناء مع الوحش بجو يخيمه الظالم
إلّا من قليل الأنوار التي تشع من الشموع المشتعلة بين زوايا القصر
جاء وقت العشاء واستدعى الوحش الحسناء إلى مائدة مملوءة بأصناف المأكولات الشهية
أشبه بولائم الأعراس
أذعنت الفتاة لطلب الوحش وجلست أمامه في الطرف المقابل من المائدة
وظلت ترقب تصرفاته وتحاول أن ترى بعضا من ملامحه خلف القناع الذي يرتديه
..."يا إلهي إنه وجه قبيح"
في اللحظات الأولى من اليوم الأول بدأ الوحش يعامل الحسناء بقسوة
ورفض منها أن لا تنير أو تشعل أضواء القصر كي لا ترى ملامحه بشكل جيد
وهكذا عاشت الحسناء أيامها الأولى في عتمة وظلام صباحا مساء
وفي كل وقت تحاول حبس خوفها والخروج من وحدتها من خلال تنزهها بين حقول وبساتين القصر
لقد كان الوحش متيقنا أن قدوم الحسناء إلى القصر لم يكن برغبة منها
وإنما كرهًا وإجبارًا في سبيل التضحية من أجل والدها مقابل ثمن الوردة.
وأثناء تجول الحسناء في ضواحي القصر ورؤيتها لكل التفاصيل الموجودة بداخله
عرفت أن هناك شيء أو سرٌ غامض يُحدثها أن هناك خطب ما،
ومع مرور الوقت أحبّت الفتاة القصر وتعودت على وجودها داخله
وبدأت تمارس روتينها اليومي من تنظيف وإزالة
الغبار على الأثاث والأرائك وتنحية الركام المتكدس والاعتناء بالزهور وأشجار الحديقة
دّبت الحياة من جديد إلى القصر كما كانت عليه قبل أن يُسحر الوحش
لقد كان الوحش ملك هذا القصر بصفات الجمال والحسن والبهاء
لكن غروره وتكبره كان سببا في سحره
ومن شروط إبطال هذا السحر في الأساطير آنذاك
أن يتزوج بفتاة حسناء لكن هذا الشيء محال بالنسبة له ولشكله المخيف
ورغم قوته وجبروته المتوحش لا يستطيع النظر إلى عيني الحسناء
رقّةً ولطفًا وجمالًا وحنانًا وصوتها عذب وروحها تشرح النفس
بعد أيام عرفت الحسناء بقصة سِحره وتعجبت من حاله الذي صار إليه
وبذكائها ونباهتها أيقنت أن بداخل قلبه روحًا طاهرة نقية
ونفسًا أبّية قد جار عليها الزمن وغيّر أطباعه وتعرّض إلى السحر من قبل حُسّاده و حقّاده
وجود الحسناء داخل القصر غيّر كل شيء ولم يعد القصر كما كان عليه عند حضورها
ظلّت الحسناء مع الوحش شهرين كاملين ولقد اشتاقت إلى أبيها وإخوتيها كل الإشتياق
في أحد الأيام تشجع الوحش وقرّر أن يطلب الزواج من الحسناء ليوم واحد فقط
مقابل أن يطلق سراحها للذهاب والعودة إلى أسرتها
رغبةً منه في التّخلص من سحره وإبطال ما هو عليه من هيئة مقززة
استغربت وُدهشت الحسناء من طلبه لكنها وجدت نفسها أمام خيار لا يقبل القسمة على إثنين؛
إنه أملها الوحيد للعودة إلى أسرتها ووافقت على طلبه مكرهة
لكن قرّرت أن تطلب منه طلبا صغيرا وهو أن ترى وجهه ولو لمرة واحدة،
فكيف لها أن تتزوج من شخص لا ترى وجهه كل ما تراه قناع موحش يضعه على وجهه
..قال لها الوحش: لو رأيت وجهي لن تتجرئي على الزواج بي
سنتزوج بعد غروب الشمس وبعدها أنت حرة طليقة
لم تكترث الفتاة الحسناء على رؤية وجهه أكثر من اكتراثها وهمّها وانشغالها بإطلاق سراحها
والعودة إلى بيتها فالحرية ثمنها غالي لا يقدر بأي بثمن.
استعدت الحسناء والوحش للزواج وبعد غروب الشمس في حديقة القصر
توجّه الوحش إلى الحسناء وألبسها خاتما من الألماس مرصّعا بالياقوت والمرجان اللامع البرّاق
وما إن ألبسها الخاتم حتى زالت لعنة السحر عنه؛ فأشع وجهه نورًا وبهاءًا واختفى الشعر
من جسده وبدأ في هيئة إنسان بكامل قوامه ولياقته وأزال القناع وظهر حسنه الكامل بهي الطلعة.
في هذه الأثناء لم تصدق الحسناء ما تراه عينيها
ركع الوحش أمام الحسناء معتذرا عما بدا منه لأنه كان خارجا عن إرادته.
إنها لعنة السحر هي من كانت سبب في تصرفاته
تقبلت الحسناء إعتذار الملك (الوحش)
وقررا أن يستمر زواجهما إلى الأبد وعاشا معا بسعادة وهناء.
ولمزيد من قصص الأطفال المشوقة والممتعة التي تثري الرصيد الفكري وتوسع الخيال لدى الأطفال
يمكنكم زيارة القسم الخاص بقصص الأطفال من 👈 هنا 👉