![]() |
قصة سيدة الثلج |
زمان في ذلك الزمن الذي فات يحكى أن إمرأة طيبة تسكن بيتا متواضعا
المرأة الطيبة لديها ابنتين الكبرى إسمها إيمان مطيعة لأمها وبارّة بها وتلبّي رغباتها وطلباتها،
تقوم بواجبات المنزل والأشغال دون كلل أو ملل بكل حب وإقبال ورضى لأمها، في إحدى القرى المطلّة على البساتين والحدائق الغناء
كما أنها تستمتع بتنظيف البيت بنشاط وهمّة
والصغرى إسمها إحسان بنت خاملة كسولة كلُ وقتها نوم وراحة وكسل وأحلام اليقظة الوردية
واللهو والأكل ومشاهدة التلفاز وغيرها من العادات السلبية التي تجعلها فتاة خاملة
تنكر عليها أمها تصرفاتها دائما
ومن مواهب إيمان التي كانت تستمتع بها هي غزل الصوف
كانت تقوم بهذه العادة اليومية أمام البيت بمقربة من البئر
و ذات يوم وكعادتها كانت تضع أغراض غزل الصوف على حافة البئر
وهي كذلك حتى مدّت يدها إلى مغزل الصوف الموضوع على حافة البئر
حتى إنفلت منها وسقط داخل البئر... آه يا إلهي
أطلّت إيمان داخل البئر محاولة أن تمسك بالمغزل واختل توازنها وهوَت داخل قاع البئر وفقدت وعيها
ودخلت في غيبوبة طويلة وعندما استيقظت من غيبوبتها أفاقت على واقع مغاير تماما
وجدت نفسها في روضة ذات بساتين غنّاء وحدائق مثمرة وهي تسمع صوتا من بعيد ينادي النجدة.. النجدة..
أيها السامعون النجدة هل من أحد يسمعني النجدة أيتها الفتاة الجميلة
إيمان مستغربة من سماع هذه الأصوات!!
نحن بضع خبزات قد نضجنا داخل هذا الفرن أخرجينا وألقي بنا على العشب لنبرد ونستريح رجاءا
قالت إيمان: يا إلهي ما الذي أسمعه ما الذي يستنجد بي أين أنا هل هذا حلم أم يقظة!؟
رقَّت إيمان لحال الأرغفة ولبّت نداء النجدة و حملتها وألقت بها خارج الفرن.
ثم بعد ذلك سمعت صوتا آخر ينادي من بعيد آآآه آآه آه لقد تعبت يا إلهي
لقد أثقلني وزن هذا التفاح الذي يتدلى من أغصاني أكاد أنكسر من شدّة ثقلها
أيتها الفتاة الجميلة المطيعة ساعديني أرجوك في قطف هذه الحبّات وخذي منها ما تشائين
وكذلك إستجابت إيمان لنداء شجرة التفاح المثمرة وأخذت تقطف حبات التفاح الحمراء الناضجة
الواحدة تلو الأخرى وترتبها بشكل جيد في الأرض
حلّ المساء وأظلم الليل وبدأت إيمان تشعر بالبرد والثلج يتساقط والبياض غطّى المكان كله
وبينما كانت إيمان في حيرتها ودهشتها أقبلت عليها عجوز تبدو عليها علامات الطيبة والخير
وهي ترتدي معطفا من الفرو يحمي جسدها من البرد القارص.
نظرت إلى إيمان وهي ترتعد خوفا وبردا وطمئنها قائلة: هونِ عليك يا صغيرتي الجميلة
أنا سيدة الثلج تعالي معي يمكنك داخل منزلي أن تحصلي على الكثير من الدفء
والطعام والراحة والنوم الهادئ
لكن كما تري أنا عجوز طاعن في السن ويستثقل كاهلي القيام بالأشغال المنزلية
هل يمكنك أن تساعدني في ذلك؟
إيمان: نعم نعم يا سيدتي بكل فرح وسرور
أقامت إيمان مع العجوز ليلتها وكانت مستمتعة بالمكان
وفي صباح الغد همّت بمساعدتها والقيام بطبخ الأكل وتنظيف المنزل
وكان أكثر ما يسعدها ويمتّعها في الأشغال المنزلية هو نفض غطاء سيدة الثلج
وتحريكه بقوة من الأعلى إلى الأسفل حتى يتسرب منه ريش أبيض
ويتناثر حبيبات على الأرض كقطع ثلجية ناصعة بياض
مرّت الأيام وازداد شوق إيمان ولوعتها لملاقاة أمها وأختها
وتتخيّل حرقة أمها على فراقها ثم تقول في نفسها:
"صحيح أن كل شيء رائع وممتع هنا ومريح في منزل سيدة الثلج،
لكني أفتقد جدا إلى الملاقاة أمي وأختي
رأتها سيدة الثلج حزينة مهمومة فسألتها قائلة:
هل اشتقت لأمك؟!
أعلم أن هذا ليس بالأمر السهل وابتسمت لها ابتسامة تفيض حبًّا وحنانًا ولطفًا وطمأنتها قائلة:
ستكونين في أحضان أمك في أقرب وقت بإذن الله فقط إطمئني.
توجّهت سيدة الثلج إلى خزانتها وأخرجت المغزل الذي ضيعته إيمان في البئر فأعطتها إيّاه
ثم طلبت منها سيدة الثلج أن تتبعها لتنال مكافأتها.
فلمّا توجهت إيمان إلى المكان الذي أخذته إليها سيدة الثلج وضعت قدميها على بقعة بيضاء سحرية
وما إن استقرت إيمان على مكانها داخل هذه البقعة حتى تناثرت عليها قطعا ذهبية صفراء
تتراقص كأشعه الشمس في مشهد يسُر الناظرين
إندهشت إيمان من تناثر هذه القطع الذهبية وهي تنظر إلى سيدة الثلج منبهرة
سيدة الثلج: كل هذه القطع الذهبية لك يا صغيرتي
هذا نظير جدارتك وإستحقاقك وصدقك وشجاعتك وحنانك وعطفك على أمك وبرًا بها
تذكرت إيمان أمها وارتمت في أحضان سيدة الثلج وبدأت تبكي بحرقة و بشدّة
وتشكرها جزيل الشكر وتقبّلها على خديها وجبينها وفوق رأسها وبيديها
وكانت قبلات الشكر والوداع في نفس الوقت
وفي رمشة عين إنتقلت إيمان دون أن تشعر إلى حديقة بيتها
سُرّت إيمان بملاقاة أهلها سرورًا كبيرًا عظيما لا تعرف كيف تعبّر به لأمها
سردت رحلتها وتفاصيل القصة من بدايتها إلى نهايتها
وإحسان تسمع قصتها وهي تزداد تحسرًا وتختنق غيرة
من مغامرات إيمان الرائعة التي حصدت منها كل هذه القطع الذهبية.
مباشرة دون أدنى تفكير رمت إحسان بنفسها داخل البئر حتى يكون مصيرها مثل مصير أختها إيمان
وبعدها وصلت إحسان إلى بيت سيدة الثلج
لكنها في الطريق لم تبال باستنجاد أرغفة الخبز وأغصان شجرة التفاح
خوفا من إتساخ يديها أو احتراقها إن هي قامت بمساعدة أرغفة الخبز وحبّات التفاح
رحّبت سيدة الثلج بإحسان ترحيبا محفوفًا بأجمل عبارات اللطف
تظاهرت إحسان بالنشاط والهمّة وتلبية أوامر سيدة الثلج في البداية
لكن الطبع يغلب التّطبع لقد فضحتها شخصيتها السيئة الكسولة الخاملة
حتى طلبت منها سيدة الثلج نفض غطاءها الأبيض وتحريكه بقوة
يبدو ثقيلا عليها وينهكها تعبًا
خاب ظن سيدة الثلج من إحسان ومن تصرفاتها وكسلها وزادت تماطلا في تنفيذ الأشغال المنزلية
وذات يوم لم تنهض من فراشها حتى منتصف النهار
لم تعد سيدة الثلج تتحمل هذه التصرفات ونفذ صبرها وطلبت منها أن تتبعها لتأخذ مكافأتها
فرحت إحسان بهذا الطلب وهي تمني النفس بالقطع الذهبية الرنانة التي تجعل منها فتاة واسعة الثراء
وقفت إحسان داخل البقع البيضاء وفجأة صاحت قائلة: أوووووه يا إلهي ماهذا؟!
(لقد انهمر عليها سيل من الإسفلت)
فالجزاء من جنس العمل، كان هذا جزاء خمولها وكسلها وعقوقها لأمها ورفضها تلبية طلباتها
سيدة الثلج: عزيزتي الصغيرة إحسان هذا جزاء كسلك وتسويفك وتأجيلك للأعمال المنزلية
وما نيل المطالب بالتمني إنما تؤخذ الدنيا غلابا
لقد إنتهت فترة تربصك وحان موعد العودة إلى منزلك
تعلمي أن تسعي للنجاح بالعمل الدؤوب والمثابرة والإستمرارية
وتعلمي كيف تكوني فتاة نشيطة نافعة لنفسها ولغيرها
رجعت إحسان إلى المنزل لم تعرفها أمها وأختها من شدّة ما أصابها من الإسفلت
وارتمت تحت قدمي أمها نادمة متأسفة عن تصرفاتها
وتوجهت إلى الحمام حتى تنظف جسمها من الإسفنت بمشقة وعناء
وبمساعدة أمها وأختها تخلّصت من بقايا الإسفلت
تعلمت إحسان من الدرس الذي لقنته إيّاها سيدة الثلج وصارت تنافس أختها في تلبيه طلبات أمها.
المغزى من القصة
الفتاة التي تريد النجاح لابد أن تكون بارة بأمها ونشيطة في حياتها،
لأن النجاح لا يحب الكسل
فإما أن تكون ناجحة أو كسولة، والحياة لا تحب الكسلاء
والخير يحب الأشخاص الناجحين.
لمزيد من القصص المعبرة والحكم والمواعظ الثمينة المناسبة للأطفال والكبار يمكنكم الإطلاع على قسم