![]() |
قصة المعتمد ابن عباد |
قصة نهاية المعتمد ابن عباد، ملك أضاع الأندلس، نتحدث في هذه القصة عن نهاية الملك المعتمد بن عباد
....وألقي الستار على هذا الملك بين عشية وضحاها
من المُلك والمجد إلى الذل والأسر والسجن في المغرب العربي
وانتهت قصة معتمد بن عبّاد ونساه الناس وانتهت دولة المرابطين فيما بعد.
جاءت ليلة الثلاثاء 15 رجب 484 من الهجرة على قصر المالك الشاعر المعتمد بن عبّاد،
وهو لا يزال في العهد به منذ 20 سنة سابحًا في النور
رافلا في النعمة هو وأهله وقومه في الأفراح واثقين بدهرهم مطمئنين إلى سعدهم
لم يخفهم ما رأوه البارحة من طلائع الفاجعة ونذرها عندما كان الليلة السابقة
وإذ بسحب سوداء متراكمة برعد وقصف شديد وبرد وثلج شديد في الأندلس في إشبيليا
والمعتمد بن عبّاد ما شعر بأن القدر يخبئ له بين عشية وضحاها
ما خبأ هذا الغي من كوارث وألم على من نزل بهم
وجاءت الرياح الهوجاء العاتية تعصف بالناس
لكن الجميع كانوا على يقين من أنها فترة وتزول
يرجون من بعدها صباحا طلقا ضاحكا طيورا تغرد وزهرا في الروض يفوح بالخيرات
هكذا عودتهم الأيام حين غمرتهم بالنعم وفاضت عليهم المتع ولم تمسك عنهم خيرا
ووجد المعتمد بن عبّاد نفسه ملكا على دويلة من دويلات الطوائف
هي أعظم دويلة من دويلات الطوائف إشبيلية في الحضارة
فيها المجد وفيها العلم وفيها الأدب وفيها الشعر وفيها القوات العسكرية العظيمة
وفيها الأعيان والشرفاء كلهم يخضعون له،
و أضاف إلى هذا القوة من نفسه قوة، فكانت نفسه كبيرة وثقته بنفسه عالية
وكان يعتمد على ذكائه وتخطيطه فقد كان فذا ورث من أجداده النسب والحسب
وورث منهم البطولة العسكرية وورث منهم العلم وأضيف إلى هذا الرقّة والشعر
تجمّعت البطولة والعسكرية مع الرقّة والشعر في نفس رجل واحد
وأضيف إلى هذا الملك العظيم الرخاء
فتعرفون السعادة التي أضفت بثوبها عليه فطالت نومته وارتاح في تلك الليلة
وخاصّة أنه جاءته الأنباء في اليوم السابق بعد يوم المطر
جاءته بما نزل بملك غيره لا طارت نفسه واحتار
وأسقط في يده وتصدّع قلبه من الخوف وانخلع فؤاده واستسلم،
لكن المعتمد بن عباد أعظم ملوك الأندلس في وقت دويلات الطوائف
.لم يكن ليذل ولم يكن ليخاف ويجزع بل تحمّل كل هذه الشدائد وصبر
وبدأ يعد العدّة لدفعها تجمعت عليه البلايا، حليفه القوي يوسف بن تاشفين
كان أمير المسلمين كان يوسف ابن تاشفين أمير دولة المرابطين في المغرب العربي
وهي دولة تحكم بالإسلام الصافي وتقيم شرع الله الكامل دولة إسلامية بمعنى الكلمة
ويوسف ابن تاشفين من أعظم حكام هذه الدولة رمز ونموذج نساه الناس
لمّا تأمل في التاريخ لو شئت أن أقول الخلفاء الراشدين أربعة
والخليفة الخامس الراشد عمر بن عبد العزيز
لأعدته يوسف بن تاشفين الخليفة الراشد السادس
هكذا كان يوسف ابن تاشفين من العظمة والعزّة والمجد والتقوى والورع والعلم والعدل بين الناس
لمّا الإسبان الكفار هدّدوا دولة الأندلس بعد أن تمزقت دولة الأندلس
بعد تمزق الدولة الأموية في الأندلس وتقطعت الأندلس إلى دويلات طوائف
طمع الكفار في المسلمين دولة ممزقة، فجاءوا وبدأوا يبتلعوا من أرض الأندلس
وبدأوا يهددوا أرض الأندلس وسقطت الدويلات واحدة تلو الأخرى في أيديهم
فهنا تحرك هذا الملك الشاب المعتمد ابن عباد وبدأ يراسل من بقي من ملوك الطوائف
ليتوحد في جيش واحد ليقفوا أمام الكفار النصارى الذين جاءوا من الشمال من جهة فرنسا
فلم يستجيبوا له فهنا حركته العلماء قالوا إذا لم تفعل شيئا ستضيع الأندلس
وتحت تحريك العلماء قام المعتمد بمراسلة المرابطين في شمال المغرب العربي
بقيادة يوسف بن تاشفين
ساعدنا للصمود أمام الكفار وفعلا تحرك يوسف بن تاشفين وعبر بجيشه إلى الأندلس
وقاد جيوش المسلمين التي انضمت إليه من جيوش دويلات الطوائف
ووحدوا جيوشهم بقيادة يوسف بن تاشفين واستطاعوا هزيمة الإسبان الكفار
وتم النصر وحمى بلاد الأندلس من أن يبتلعها النصارى وإلّا لكانت الأندلس ضاعت
قبل ما ضاعت بزمن طويل ورجع يوسف بن تاشفين إلى المغرب
كان بمقدوره أن يقضي على دويلات الطوائف، لكنه كان عاهدهم أنه سيأتي لمساعدتهم
فوفى بعهده ورجع ثم جاءت الأخبار مرة أخرى ليوسف بن تاشفين
أن هؤلاء حكيوم الطوائف ومن بينهم المعتمد بن عباد صاحبنا قد طمعوا في الدنيا مرة أخرى
وبدأوا وتمز قوا من جديد وبدأوا يقاتلون بعضهم بعضا
وتحرك وفد من كبار علماء الأندلس وعبَر مضيق جبل طارق إلى المغرب
والتقوا بيوسف ابن تاشفين ومعهم من كبار العلماء فأفتى يوسف ابن تاشفين فتوى عجيبة جدا
قالوا يجب عليك، وتأثم إن لم تفعل أن تعبر إلى الأندلس وتقضي على دويلات الطوائف هذه بالقوة
لأن هؤلاء صار طمعهم في الدنيا أهم عندهم من بقاء الأندلس في يد المسلمين
فخلّص المسلمون من حكام الطوائف بالقوة واحد أمة الإسلام بالقوة
جاءت الأخبار في ذلك اليوم إلى المعتمد بن عباد أن حليفه القوي الذي سانده ضد الإسبان سابقا
الآن عبَر الأندلس ليقضي على ملكه ويُخلّص المسلمين من هذا التمزق الذي وصلوا إليه
يوسف ابن تاشفين حرّك جنده وقال لهم:
لست طمعا في الدنيا قال نحن جئنا قربة إلى الله وفي سبيل الله ومن أجل عز الإسلام
فبدأ أمير المسلمين يوسف بن تاشفين يحرك مشاعر المسلمين
لينضموا لجيشه الذي هدفه توحيد الأندلس في دولة إسلامية واحدة تحكم بالإسلام
وتقف أمام أعداء المسلمين وتحركت الحماسة في نفوس جنده
وتحركت الحماسة في الشعب الإسلامي في المغرب العربي
وتحرك يوسف ابن تاشفين وكان معظم الجنود الذين معه من البربر الذين آمنوا بالله عز وجل
وجعلوا الإسلام أعظم عندهم من القومية والقبلية فتجمعوا جميعا عربا وبربرا في جيش واحد
من أجل الله من أجل الإسلام
فأقبلوا يشقّون الجبال ويطوون الطرق من أجل حرب توحد المسلمين
حرب معلنة على المسلمين لأن بقاء هؤلاء فيه خطر على الإسلام
وأحيانا المسلم يكون خطر على الإسلام نفسه
المعتمد الذي كان بالأمس القريب صديقا ليوسف بن تاشفين وحليفًا وكانوا ضيوفا عنده
وكانوا يتغنون بما رأوا منه من عجيب الكرم وكان كريما في منتهى الكرم
وتعجب أهل المغرب في المرة الأولى التي عبروا فيها من صفاته العجيبة وقدراته
بطل فارس شاعر ملك حاكم إداري عظيم تعجبوا ممّا تجمع لهذا
وكانوا يتأملون أن هذا الرجل يوحد الأندلس ويحكم بهم الإسلام
لكنه انشغل مع غيره بالدنيا وطمع بالدنيا فالآن جاء دور تأديب المعتمد بن عباد
جاء هؤلاء الجند من المغرب أرسلهم أمير المسلمين
لكن نظرا لوجود أحداث رئيسية حدثت في المغرب
قرّر يوسف بن تاشفين ألّا أن يعبر بنفسه لأنه الآن مطلوب منا أن يدير الأندلس ويدير المغرب
وحرّك الجند من فرسان المرابطين وممّن تبعهم ومن أهل الأندلس الذين انضموا إليهم،
بعض أهل الأندلس لمّا سمعوا بعبور الجيش من المغرب
كان عندهم الجيش المغربي الذي يوحد المسلمين
ويحكم بالإسلام أعظم عندهم من حكامهم وملوكهم وأهل قبيلتهم
لأنهم طمعوا في الدنيا ومزقوا المسلمين فبدأوا يساعدوا هذا الجيش القادم بالطعام والأموال
وبعضهم ينضم إليه بنفسه ليقاتل معهم بنفسه، وتقدم هذا الجيش ينطلق لا يقف أمام أحد
ينطلق والكل ينضم إليه يقصد بالذات إشبيليا أعظم دويلات الأندلس لئن سقطت إشبيليا فالباقي سهل
جاءت الأخبار إلى المعتمد هو لا يستطيع أن يقف أمام الإسبان وحده
وبالتأكيد لن يستطيع أن يقف أمام من هزم الإسبان وحده
لكنه تمالك نفسه وذهب الملك الشاب المعتمد بن عباد إلى سريره بعدما مضى أكثر الليل
وكان قد أعطى تعليماته بتوزيع الحراسة وترتيب الجيش
وبينما هو في فراشه يسمع الصراخ والهتافات وصليل الأبواق وهزيم الطبول
يسمع في عز الليل وسواد الليل وظلام الليل وهدوء الليل أصوات الجند والقادة
الذين خاضوا معه المعارك وحموا ملكه لهذه السنين الطويلة
هذا ينادي وهذا يصرخ وهذا يجمّع وهذا يرتب
فشعر بشيء من الإطمئنان وتذكّر كيف كانوا معه لمّا ذهبوا إلى قرطبة وأخذوها من بني أميّة
وكيف كانوا في الزلّاقة يوم انتصروا مع يوسف ابن تاشفين على الفنش النصراني
فتذكر أيام النصر بدأ يعني مثل ما يقول الشخص يفكر بالنواحي الإيجابية حتى لا ينهزم نفسيا
وبدأ يتذكر أنه هو وجنده كانوا أسسا في إنهاء الدولة الأموية في الأندلس
وكانوا أسسا في هزيمة النصارى والكفار يوم الزلّاقة
لم يكن يوسف بن تاشفين وحده كان محتاج إليهم
وبينما هو في هذه الأفكار غلبه النوم على ضجيج الجيش الذي أحبّه واعتز به
مستعد أن يقوم في اليوم التالي وهو في عزة وقوته لواجه يوسف بن تاشفين
هذا الذي اعتبره معتديا يريد أن يأخذ الملك منه
ورأى في منامه أصوات جيوش تتحرك وهو نائم وأصوات الطبول
سبحان الله الإنسان لمّا ينام على شيء يستمر معه في النوم
وخالطته أصوات الصراخ والضوضاء وانتبه أنه ليس مناما
وإنما صوت حقيقي اختلط عليه النوم واليقظة،
والمدينة بدأت تصرخ وصل الجيش وصل يوسف ابن تاشفين وصل العدو
وبدأ يطرق أبواب المدينة فرسان البربر سبقوا باقي الجيش فوصلوا قبل باقي الجيش
وبدأوا يهزوا المدينة فعندها تحرك المعتمد بن عباد وترك النوم وتحرك ليرتب الجيش
فلم يجد حوله الكل انطلق لمواجهة الجيش القادم ولم يجد معه إلّا حرس القصر
فأحسّ بالخطر وهؤلاء الحراس ليسوا رجال حرب ولا فرسان في القتال
وإنما هم فقط للحراسة حول القصر شعر أنه كاد يفقد كل شيء لكنه بشرفه وشجاعته ونبله
على الرغم من انحرافه في تمسكه بملكه، بعض الناس سبحان الله في بعض القضايا متميزين
ثم يأتي إلى قضايا أخرى تجدهم يعني للأسف من أسوأ الناس فرفض أن يستسلم
وقرّر وبدأ يحمس قومه نحو القتال والشجاعة وحمل سيفه بيده فخرج به
وليس عليه ثياب حرب ما عليه إلّا قماش رقيق ما انتظر أن يلبس الدروع والسلاح
وأراد أهله أن يمنعوه لأنه لو خرج بهذه الصورة ليس عليه حماية معرض للهلاك
لكنه أصر أن يحرك جيشه وفعلا تحرك بقوة
وحرّك الجيش الإشبيلي ليثبت أمام جيش المسلمين العظيم جيش المرابطين
ورفض أن يفر من الموت كيف وهو بالنسبة له الحُكم أغلى من الحياة
وكان يتعشق الموت ويسعى إليه يقول:
ما سرت قط إلى القتال وكان من أمل الرجوع
لا يتأمل العودة لكن كان يتمنى لو كانت موتة شريفة في أرض المعركة
وليست موتى هكذا في ليل في غفلة في هجوم عليه وهو نائم
كان يتمناها في الميدان لكن هو لم يقاتل هو الذي تحصن ورفض أن يوحد الأندلس
فسبحان الله هذا التناقض في شخصية المعتمد بن عباد
وأصر وفعلا استطاع بتحميصه لجيشه أن يصمد هذا الجيش واستمرت أشبيلية متماسكة
وجاء النهار كل هذا في الليل مع بداية الهجوم من المرابطين وجاء النهار
فإذا القلب مقسّم بين فرح بالنصر وخوف من الخطر هم انتصروا في تصدي الهجوم الأول
لكنهم ما زالوا في خطر وما زالوا معرضين لهجوم الجيش الكبير الذي سيأتي بعد هذه المقدمة،
جنوده الأشاوس الذين حموه ودافعوا عنه كانوا كلمّا هبّت الريح أو سمعوا صوت صفير طائر
هبوا من مكانهم يذهبون إلى سيوفهم يتطلعون إلى الطريق الذي سيأتي منه الجيش
وكانوا مصرين على حماية سيدهم
تحركوا وكلهم دفاع عن المعتمد وأسرته يرأسها هو ومعه إثنان من أولاده الراضي بالله والمعتّد بالله
ولدا المعتمد بن عباد يقودون الجيش بأنفسهم وجاء عصر ذلك اليوم
وأهل إشبيلية لا يزالون يتغنون بعظمة ملكهم الفارس المغوار الشاعر الجميل
المعتمد بن عباد ثم شعروا أنه الهجوم تأخر
فقرروا اللجوء إلى الإستراحة وخاصة جاء الليل وهدأت الأصوات فذهبوا يرتاحون
مع بداية راحتهم وإذا النذير العيون والجواسيس الذين في الطريق بدأوا يصرخون
كما ينفخ في الصور جاء جيش المرابطين فتجمع المعسكر
وتحرك الجيش وجاء الفرسان وإذ بخيول المرابطين وفرسان البربر من جهة البر
ومن جهة الوادي تصدم حوائط إشبيليا وقلعة إشبيليا فجاء المعتمد بنفسه
وبدأ يقود المعركة بنفسه أثبت من الصخر وأيض من الصقر كما يقولون
منتبه في شدّة الإنتباه واستطاع بقدرته القيادية وبحنكته العسكرية أن يحرك جيشه
بحيث يصد كل هجوم واستطاع هذا الجيش الصغير في أشبيلية أن يردّ هذا الجيش الكبير المغوار
الذي جاء في المغرب ويحكم كل المغرب العربي جيش المرابطين،
هذا الجيش الذي يقوده يوسف بن تاشفين
من خيرة المسلمين في زمانه وعلى مدى عدّة أزمان...
واستطاع جيش أشبيليا أن يرد المرابطين بعدما فعلوا بالمدينة فعل الزلزال كما يقولون
ورجع المرابطون يفكرون كيف استطاع هذا الجيش الصغير أن يصدهم
فبدأوا يرتبون أمورهم لمعركة رئيسية وفي نفس الوقت إستراحت إشبيلية قليلا من هذا الهجوم
وبدأوا أيضا يرتبون أنفسهم إستعدادا لهجوم أعظم وجاءت الوقعة الكبرى
بين المرابطين وبين إشبيلية بقيادة المعتمد ابن عباد في يوم الأحد 20 من رجب سنة 484 من الهجر
إرتّجت إشبيلية بأضخم جيش يصطدم بها أعظم من كل جيوش النصارى من قبل
وجيوش الأمويين وجيش فيما قبل عبد الرحمن الداخل والناصر كلهم
كان جيشهم أقل من جيش المرابطين الذين جاء إلى أشبيليا جيش أمير المسلمين يوسف ابن تاشفين
الذي جمع له أبطال العرب وأبطال المرابطين يجمعهم كلمة لا إله إلا الله ويقودهم بطل عظيم
هو إبن أخيه فارس القوم سير بن أبي بكر جمع له يوسف بن تاشفين أفضل المقاتلين
من قبائل البربر وأفضل المقاتلين من القبائل العربية التي تعيش في المغرب وتجمع معهم
من يؤيد وحدة الأندلس ويرفض هذا التمزق على يد دويلات الطوائف من أهل الأندلس
انضموا إلى هذا الجيش المسلم ويوسف بن تاشفين من أعدل الناس ومن خيرة الناس
ويحكم بالإسلام المعتدل الواضح الذي ليس فيه إنحراف.
وجاء الجيش وحطّوا على البلدة حط الجراد كما يقولون وطوقوها من كل مكان
وأطبقوا على ابن عباد كالسيل، أثار المعتمد في نفوس جنوده الحميّة والكبرياء
وبدأ ينشدهم أناشيد البطولة وبدأ يجمّل لهم الموت
ويعرض عليهم قضية المجد وما لهم ثبتوا فثبتوا فعلا
استطاع أن يحركهم فثبتوا وبدأت فنون القتال بأعجبها وأشرفها تظهر من بين جيشين من المسلمين،
جيش يقاتل في سبيل الله من أجل وحدة الأندلس من أجل أن تصمد أمام الأعداء وتعز
وجيش يقاتل من أجل الملك وأسرة هذا الملك ناضل هذا الملك وكان بطلا
وضرب حتى تحطمت في يده السيوف ودافع وحرّك جيشه حتى استنفذ آخر نقطة
من القوة البشرية التي أعطاها الله سبحانه وتعالى للإنسان، ثم أصيب بالسهام فجرح فسقط
ومع سقطة المعتمد بن عباد اهتز جيش المعتمد وبدأ يتفكك
إنما يقاتلون من أجل الآن سقط سيدهم فتفكك الجيش وتحطم سد أشبيليا كما يقولون
من الجيش البشري واستطاع البربر والعرب المقاتلين جيش المرابطين العظيم
أن يعبروا الأسوار ويدخلوا أشبيليا ويفتح أبوابها واحتلت وفتحت أشبيليا من قبل جيش المرابطين العظيم
ودخل القصور وإذ بها أنواع الترف والكنوز فهوى هذا الصرح الذي بناه بنو عباد لفترة طويلة من الزمن
المعتمد لم يقتل وإنما جرح وأُسر وجيش المرابطين كان جيشا كريما يحكم بالإسلام
ويعدل بين الناس فلم يؤذي أحدا ولم ينتهك عِرضا ولم يسرق بيتا
بل أمّنوا على الناس وسيطروا على إشبيليا وحكموها بالإسلام
أما المعتمد بن عباد فقد تلقى قضاء الله عز وجل تلقي المؤمن واستسلم
لكنه استسلم بدون أن يذل نفسه ظل يحاول أن يظهر عزته في هذه الفترة
كان ولداه قد تحركا من إشبيليا نحو حصنين من حصون أشبيليا في طرف إشبيليا
فلما سيطر المرابطون على وسط إشبيليا تحركوا نحو هذين الجيشين
أم هذين الولدين زوجة المعتمد بن عباد أرسلت إليهما تقول لهما:
ماذا ينفع حصنان والملك قد باد يعني تدافع عن من؟
العرش قد مات والملك قد باد وأشبيليا سقطت
فما قيمة الحصون فخشيت عليهما أن يقتلا، أحدهما استطاع والثاني تردد،
فبدأ الهجوم على هذين الحصنين فالذي تردّد هجموا عليه فقتلوه
قُتل الراضي بالله إبن المعتمد إبن عباد على باب حصنه
وأما الاخر المعتد بالله فاستسلم وأُسر وهكذا دخلت أشبيليا في دولة المرابطين
وتوحدت مع هذه الدولة العظيمة ولولا سقوط دولة المرابطين فيما بعد
على يد دولة الموحدين للأسف لو تركوهم لاستطاعوا ليس فقط أن يحموا الأندلس
لفتحوا أوروبا، لكن للأسف بعض الناس ثاروا عليهم من داخل المغرب وأسقطوا دولتهم
فاهتزت المغرب وباهتزازها إهتزت الأندلس
ولولا ذلك لكانت دولة المرابطين من أعظم دول العالم هذا فيما بعد
أما قصتنا الآن فالمعتمد وأهله وابنه أُسروا وجُردوا من أموالهم ومن عزهم ومن ملكهم
وأخذوا أسرى مقيدين بالقيود الثقال ليلقوا ما قُدّر عليهم في صحراء المغرب
كان المعتمد إذا خرج في موكبه كل فتاة في اشبيليه التي كانت تسمى حمص المغرب
وكانت تسمى أشبيليه كانت تسمى من شدّة جمالها
كانت تسمى الجنة هكذا كان جمال أشبيليا وكان سيد هذه الجنة في الأرض
كان المعتمد بن عباد إذا خرج من موكبه يتجمع الناس فقط لرؤيته
ليس لجمال الموكب وإنما لجمال سيد هذا الموكب المعتمد
وكانت كل فتاة تتمنى رؤية المعتمد وكل شاب يتمنى أن يكون مثل المعتمد
عز وفخر وجمال وبطولة وشعر وشرف وحسب ومال وملك من له مثل معتمد بن عباد
وكان من سنتهم في أهل الأندلس وأهل الأندلس سبحان الله الذي يقرأ سيرتهم
كان عندهم شيء من الرقّة لما نقارنهم بأهل المشرق كانوا فيهم حب للجمال
بسبب جمال الأندلس وما فيها انعكست عليهم،
الذين يعيشون بين الزهور وبين الأنهار سبحان الله نفوسهم وطبائعهم تكون أرقى
من الذين يعيشون في الصحراء وذلك كما يقول ابن خلدون:
فما بالكم في من يعيش في جنة من جمال الطبيعة وجمال الخلق الإلهي وجمال الصنع البشري
من روائع الحضارة فكان من سنتهم أنه إذا مر عليهم بن عباد في موكبة
يرمون عليه الزهور أما اليوم فموكب المعتمد يخرج ولا ترمى عليه لا زهور ولا ورود
وإنما دموع تبكي دما على هذا الملك الذي أخطأ التقدير وفض النفس على أمته
القلوب التي كانت تفدي هذا الملك الآن ما تستطيع أن تفعل شيئا أمام هذا الجيش
الذي سيطر واستسلمت لقدرها وقدر بني عباد والناس يرون هذا الملك العظيم يسير مقيدا هو وأهله
أخذهم الذهول كيف ملك يقع أسيرا ويسيطر عليه بهذه الصورة ويستسلم ويكون ذليلا بهذا الشكل
لكن سبحان الله الله سبحانه وتعالى أذله لأنه كان يريد الدنيا ويريد ملكه على حساب جيش يُحَطَم أمّة
تمزق وأندلس تضيع ما عنده هم إلّا هم أن يبقى ملكا فأذله الله سبحانه وتعالى:
" قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء
وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير"
وجُر الملك وجرت معه أسرته وأولاده وبناته زوجته جُروا معه هذه الأجساد
التي لم تتعود إلّا الريح الطيب والياسمين الغض وأشعة البدر في الليالي الصافية
والأشعار والموسيقى والترف عاشوا في ترف طول عمرهم
الآن يخرج الملك لا تاج على رأسه ولا سيف في يده ولا لواء يخفق فوق هامته
ولا جند يفدونه بالأرواح يخرج الملك لا عز ولا لين عيش
وإنما قيود ثقال تثقل يديه وتثقل رجليه وعليه بدل تلك الملابس الجميلة المزخرفة المذهبة
التي خلّدها التاريخ إلى اليوم
إلى اليوم بعض ملابسهم هذه خالدة إلى اليوم سبحان الله الآن يلبس أطمارا ممزقة
فتفجرت الأحزان وانشقت القلوب صرخات وبدأ الناس يبكون
لكن البربر الأبطال والعرب الشجعان الذين توحدوا في جيش ليس هدفه الدنيا
وإنما هدفه الآخرة لا إله إلا الله محمد رسول الله هم المسيطرون الآن
والذين كانوا يريدون الدنيا سبحان الله إنتهوا وأذلهم الله عز
وجُر الملك ومن معه من أنصار وحاشية وأسرة
فوضعوا في سفينة مقرنين بأحبال كاسرين الأطراف والدموع في عيونهم
رفع الملك رأسه ونظر إلى الأندلس نظرة وداع نظر إلى جنوده الذين صاروا أسرى بسببه،
بسبب أنانيته وحرصه على الدنيا الآن كلهم أسرى ونظر نظرة واداع
وهو يغادر جبل طارق على سفينة متجهة إلى المغرب في هذا المضيق الصغير
يودع الأندلس وفي قلبه وفي عقله الأمال أنه قد يعود إليها يوما من الأيام
وقد يعود إليه الملك من جديد فابتسم لكن إبتسامة من ينتزع الإبتسامة انتزاعا من نفسه
وأراد أن يشير بيده بحركة وداع للأندلس فحرك يده وإذ بهذه اليد
التي طالما هزّ بها المنابر وأشار بها إلى الجيوش وحرّك بها الكتائب وأغنى بها فقيرا وفكّ بها أسيرا
وأعطى الأموال أموال الدولة للشاعر وفعل بها المكروهات...
حاول أن يحرك هذه اليد التي كانت إذا تحرك أمرت أن أراد أن يشير بها
وإذ بثقل الحديد يمنعها حتى من الإشارة،
فحزن وأطرق الرأس وصارت هذه السفن والبكاء من داخلها والبكاء يتبعها من الأندلس
ورجع أهل إشبيليا إلى إشبيليا وكانت تحت سيطرة كما ذكرنا المرابطين
الذين حكموا بالإسلام وحكموا بالعدل ولم يعتدو على أحد
فرجع الناس إلى بيوتهم وما يصدقون أن ملكهم سيدهم قائدهم هذا العظيم الذي أدارهم 20 سنة
فجأة ذهب كيف يعيشون من غيره من الذي سيدير أمورهم
هذا الجيش الذي اعتبروه جيشا محتلا وهو خير لهم
في عشية وضحاها
قصّة معتمد بن عباد التي كتبها في 20 سنة ألّفَ فيها المجد والكرم والعز في عشية وضحاها إنتهت
انتهى هذا الملك ما عاد يطلع عليهم هذا الشاعر الذي كان يُغني
ولا الفارس الذي كان يلعب بأنواع السلاح أمامهم
ما استطاعوا أن يصدقوا أنهم فقدوه ذهبوا إلى قصوره وإذ لما دخلوها وإذ بالمأساة
الناس يعيشون في فقر وفي ضعف وفي حاجة إلى لقمة يأكلوها
بينما هو قد صنع لنفسه ولأهله أنواع القصور وأنواع الترف
وكان يأتي بأنواع الرسومات والفن من أنحاء العالم
ويدفع لها المبالغ الضخمة من أجل نعيمه هو
ناهيكم عن أنواع النعيم والتفنن الذي كان في هذه القصور
من داخلها طبعا بعضها أخذها من بني أمية وبعضها صنعها بنفسه وأضاف إليها بنفسه
لما إقترب الناس بدأوا يدخلوا هذه القصور والمرابطون فتحوا هذه القصور للناس
حتى تعرفوا أن قائدكم هذا الذي خدعكم هذه السنين لم يكن يحكمكم بالعدل
وإنما كان يستغل الأموال لترفه ونعمه يعطي شاعر ويعطي كذا
لكن في النهاية لمجده هو بينما الناس يموتون من الجوع فوصلوا إلى القصور
وتعجبوا ممّا فيها من ترف ما هكذا كان يصنع
لم يكن يعرف هذا إلّا المقربين إليه فلم يجدوا فيها قائدا ينادي بشعره كما كان المعتمد يفعل من قبل
ولم يروا فيها علما لبني عباد يخفق ولا راية ترفرف برايات المرابطين
سادت الأرض ووجدوا أن الدور التي كانت صمدت أمام الهجوم قد تحطمت جدرانها وهُدّت أركانها
القصر الذي كان يعبق بالقرنفل والفل وتفوح منه روائح الزهور
إذ فيه الآن روائح الموت للذين ضحّوا بأنفسهم ليس لأجل الله وإنما لأجل مُلك إنسان من البشر
فضّل نفسه وأسرته على أمة المسلمين في الأندلس رأوا الأعمدة المزخرفة والأساطين المنقوشة
فوجدوا سبحان الله كيف ضاعت الأندلس عرفوا كيف ضاعت الأندلس
وألقي الستار على هذا الملك بين عشية وضحاها من المُلك والمجد إلى الذل والأسر والسجن في المغرب العربي
وانتهت قصة معتمد بن عبّاد ونساه الناس وانتهت دولة المرابطين فيما بعد
وكل الأسرى السياسيين الذين كانوا في السجون أطلقوا ومن بين الذين أطلقوا فيما بعد
هذا المعتمد بن عبّاد بعدما شاب صار شيخا كبيرا كانت الأحوال قد تغيرت
والذين كانوا يوالونهم قد إنتهوا وحتى أسرته تمزقت وأهله الكثير منهم قد ماتوا وتفرقوا
ولم يعد يعرف أين يذهب فخرج من السجن فقيرا ليس له جيش يحميه
وليس له أسرة تأويه وليس له مال يعتز به.
شيخ كبير ليس في قدرته أن يعمل جسمه أنهكته السنين وأنهكه السجن
فخرج ضعيفا فكتب حتى لا ينساه الناس، كتب على ثيابه...
أنا المعتمد ابن عباد ملك أشبيليا وخاف أن يموت أن ينساه الناس
فكتبها على ملابسه ومرت الأيام واضطر المعتمد بن عباد
لأنه لم يجد من يُأويه ويرحمه ويرحم ضعفه ويتذكر ملكه وعزه
اضطر المعتمد بن عباد أن يشحت أن يسأل الناس صار يسأل
صار فقيرا يطلب من الناس كسرة الخبز هذا المعتمد ابن عباد نموذج النعيم في الدنيا
سبحان الله كيف تحول حاله إلى هذا الحال صار يعيش على ما يتصدق به الناس عليه
من كسرة خبز أو دراهم معدودة...
وعاشا معتمد بن عباد في المغرب ما استطاع أن يعود إلى الأندلس
ولو عاد إلى الأندلس لن يجد من يأويه، دويلات الطوائف كلها انتهت كلها راحت الآن بما فيها
أشبيليا فالآن المعتمد بن عباد يستسلم لقدره ويصبح سائلا شحاتا يطلب بذل كسرة الخبز من الناس
وعاش المعتمد بن عباد على هذا الحال، مات من داخله قبل أن يموت جسده
الذي يكون في العز ثم يصبح بهذه الصورة يموت ثم جاء الموت رحمة به
ومات المعتمد ابن عباد هكذا مات في شارع في المغرب
مات ليس بين أسرة وليس بين حاشية وليس بين عز ومُلك
مات في شارع مر بعض الناس وجدوا رجلا شيخا كبيرا ميتا
فلابد أن يدفن فبدأوا ينادون الصلاة على الغريب تعالوا ندفن هذا الإنسان الغريب
فحملوه وغسّلوه فلمّا تأملوا في ثيابه وإذ مكتوب عليها أنا المعتمد بن عباد ملك أشبيليا
فتعجب الناس من هذه النهاية العجيبة بعد الملك والعز والجبروت والنعيم
الآن يموت بهذه الموتى الذليلة ولا يجد من يصلي عليه إلا تطوعا
ولم يصلِ عليه إلا نفر محدود من الناس ولم يعرفه أحد إلا بنقش في ملابسه
فليعتبر المعتبرون فليعتبر الجبّارون فليعتبروا من يفضل نفسه على دينه وأمته
فليعتبروا أن الله على كل شيء قدير يعز من يشاء ويذل من يشاء،
مأساة لا شك إنها مأساة كان يستطيع المعتمد أن يتجنبها بعمل بسيط
لو حرص على أمته أكثر من حرصه على نفسه وساند المرابطين وتوحد معهم لا بقوة على ملكه
واستعانوا به وقاد معهم الجيوش لكنه فضل أن يحارب المسلم من أجل ملكه
ولو كان في ذلك ضعفا للمسلمين وأذى عليهم هذا المصير كل من يحب الدنيا أكثر من الآخرة
ويفضل الملك أكثر من الأمة ويفضل نفسه أكثر من شعبه هذا مصيره
من لا يعتبر ولم يأتمر بأمر الله رب العالمين
نهاية معتمد ابن عباد عبرة على مدى الزمان فاتقوا الله يا أولي الالباب
المصدر :هنا
لا تفوت الإطلاع على قصة آخر أيام الأندلس لمزيد من المعرفة التاريخية اضغط 👈هنا👉