';function Lazy(){if(LazyAdsense){LazyAdsense = false;var Adsensecode = document.createElement('script');Adsensecode.src = AdsenseUrl;Adsensecode.async = true;Adsensecode.crossOrigin = 'anonymous';document.head.appendChild(Adsensecode)}}

حكاية الهاوية

حكاية الهاوية

حكاية الهاوية 

قصة حزينة ومؤلمة لكنها معبرة، ذات معزى ودرس بليغ من دروس الحياة. 

افترق الصديقين الوفيين المخلصين لبعضهما البعض
ثم هاجر السيد موسى إلى مصر لظروف خارجة عن إرادته
وودّع صديقه على أمل الملاقاة عمّا قريب،
أما الصديق لطفي فقد حزن لفراق صديقه حزنا شديدا
كما أن الصديق موسى شعر بالغربة والوحشة في بلاد المهجر
رغم أنها بلاد عربية لكن لم يجد ذاك الصديق المؤنس الذي يصارحه بكل أسراره
ويجالسه في أنسه ووحشته في سرائه وضرائه

مرت الأيام والسنون وكل منهما أكمل حياته والأيام تنسي
أو بالأحرى مشاغل الدنيا كثيرة قد تنسي الإنسان أولوياته
أو أنّ تسارع الزمن يفاجئ الإنسان بغتة بمرور الوقت سريعا
مرت سبع سنوات على فراق الصديقين
كان موسى الصديق الوفي كل مرة يذكر فيها صديقه لطفي ويشتاق إليه
حتى قرر ذات يوم أن يسافر له وبالفعل وصل إلى حيث افترقا

وصل إلى الشارع الذي كان يجتمعان فيه لم ينس تفاصيل أزقته وبيت صديقه
وصل إلى منزل صديقه لطفي، طرق الباب خرج له طفل صغير في عمر ثمان سنوات
مباشرة تذكر ذاك الرضيع الجميل الذي كان يلاعبه
؟إنه يشبه أباه تماما. سلّم عليه وقال له: أين أبوك 

أدخل الطفل الضيف وكان كريما مثل أبيه في سابق عهده
ثم توجه الصغير إلى أمه ليخبرها من الطارق
رأى السيد موسى البيت وخرابه والأثاث البالية القديمة
وهو في حيرة من أمره كيف يعيش صديقي في هذه الخرابة
حتى تقدمت نحوه زوجة السيد لطفي ترحب به
وعلامات الخجل والإستحياء من رثاثة المكان تملأ وجهها

لما رأت السيدة الصديق موسى تذكرته
السيدة: أهلا أهلا
السيد موسى: كيف حالكِ أختاه؟
وكيف حال صديقي الذي انقطعت عني كتبه منذ ثلاث سنوات!؟
جئت لأطمئن عن صديقي لطفي وعن أحوالكم
السيدة مطرقة رأسها وعلامات الحزن البادية على وجهها:
ليس هو ذاك الصديق الذي عهدتَه وليس هو كما تركتَه
موسى: ما الأمر لقد أقلقتني
السيدة: تعال إجلس أحكي لك قصته

ناولته كوبا من الماء وكان ذاك كل ماهو متوفر لضيافته
وأنشات تحدّثه...
مذ أن إفترقتما، تعرف على شخص مدير إحدى الشركات
على أساس يشتغل عنده بعد أن ترك وظيفته الأولى
آملا أن هذه الوظيفة أفضل وأعلى راتبا.
في بداية الأمر كانت الأمور تسير على أحسن ما يرام
وبعد ذلك بدأ صديقك يتغير شيئا فشيئا لم أعرف ما السبب بداية الأمر
ثم بعد ذلك بدأت حالته تزداد سوءا كل يوم أسوء عن سابقتها

 كثرت سهراته إلى آخر الليل لم يعد يهتم بي ولا بأولاده
حالته الصحية بدأت تتدهور والوضع المادي في تقهقر
وذات ليلة دخل البيت ثمل ورائحته كلها خمر
عرفت أن الشلّة التي تعرف عليها سحبته إلى الهاوية
 لم أعد أدري كيف أتصرف، نصحته ولم يأخذ بنصيحتي
هددني بالطلاق إن فتحت معه الموضوع مرة أخرى
وأصبح يضرب أبناءه ويقسو عليهم

حتى هذا البيت الذي تراه رغم سوء وضعه إلا أنه مرهون للمقامرين
ضيّع أمواله كلها في شرب الخمور والمقامرة
إزداد رصيد الديون علينا ولولا أحد معارفي يلقي إليّ ما تجود به نفسه
أوكل ما يستطيع من الإمداد إلينا من مساعدة من بضع دنانير
لكنت قد هلكت أنا واولادي لولا لطف الله بنا
كما أن الوضع الذي أنا فيه دفعني إلى العمل
لكن صديقك ما إن عرف بالموضوع منعني من ذلك وهددني أيضا بالطلاق
يا أخي إنه ليس هو زوجي وصديقك الذي عرفناه لقد تغير تماما إلى ما هو أسوء

إنها الصحبة السيئة وما تفعل بصاحبها فالصاحب ساحب
فأنا أشفق عليه كثيرا ولا أريد أن أتركه
وكلي أمل أن يعود ذاك الزوج الشريف الغيور على أهله المحب لزوجته وأولاده
ذاك الشاب الطموح. فلعلّ قدومك بادرة أمل حتى تكلمه وتنصحه
 ويتذكر العشرة الطيبة التي كانت بينكما

السيد موسى: متى يعود إلى البيت أو متى يمكنني مقابلته
السيدة: تعال إليه في صباح الغد ستجده لكن أنت وحظك
قد تجده بوعيه أو ثملا لقد أفقد الشراب عقله
وفي كلتا الحالتين لم يعد كما كان بذكائه وإدراكه ووعيه
السيد موسى: حسنا خير إن شاء الله 

في صباح اليوم التالي جاء الصديق موسى متلهفا لرؤية صديقه
طرق الباب وفتح له صديقه لطفي وما إن رآى موسى صديقه تذكر ملامحه
لكن إعتقد أنه أباه لو لم يكن أبو لطفي قد توفى لجزم أنه أباه...
 لقد كبر صديقه وعلاماته تدل على أنه رجل في الستين من العمر
وهو لا يزال في الثلاثينات
تعانق الصديقين بعناق حار تتخللهما دمعات مترقرقة في محجر عينيهما ونزلت لتعبر عن شوقهما

جلس الصديقين في نفس المكان الذي كان يجلسان فيه في سابق عهدهما
وبعد لحظات أفضى فيها كل واحد للآخر بما يختلج صدره وما فعلته به الأيام
 لكن لطفي لم يحكِ قصته بالكامل خجلا من صديقه
موسى: لقد جئت هنا بالأمس أسأل عنك ولم أجدك

لكن زوجتك قصت علي قصتك بالكامل... ما هذا يا صديقي؟!
أهكذا عهدتك وأنت الذي كنت بالأمس تنصحني وترشدني!!
هذا ما فعلته بك الأيام أم أنك أنت من سمحت لها بهذا
واستمر السيد موسى بنصائحه ومواعظه ولومه وعتابه على صديقه،
لكن لطفي أنكر كل ما قاله له موسى واستسلم لليأس قائلا: يكفي الآن يا صاحبي

 لقد فات الأوان على زمن النصائح
فأنا لم أعد ذاك الشاب أو الطفل أو المراهق الذي يستقبل النصيحة في هذا الوقت من العمر
أنا أرغب في الإنتحار لقد سئمت الحياة.
موسى: لا.. لا.. لا يا صديقي كل شيء تستطيع إصلاحه
مثل ما أفسدته الأيام تصلحه الأيام ثم انفجر لطفي باكيا
وخرج من المنزل وتبعه موسى لكن لم يعرف إلى أين هو ذاهب
فتركه وشأنه ربما يعود إلى رشده عندما يختلي بنفسه

وبعد أيام جاء الدائن الذي رهن له لطفي البيت وأخرجهم منه
فلجأ هو وزوجته وولداه إلى غرفة حقيرة في بيت قديم في زقاق مهجور
واضطرت الأم أن ترسل ولديها إلى العمل ليتزودا بلقمة العيش
واستمر لطفي على حاله هذه حتى جاء اليوم الذي تضع فيه زوجته مولودها الجديد
فلم يكن لها معين غير جارتها العجوز التي ساعدتها على وضع جنينها

أرضعت الأم إبنها من ثديها الفارغ وارتفعت حمى النفاس بجسدها حتى أنهكته
فلم تجد طبيبا يداويها ولا زوجا يعينها وولديها مشردين في الشوارع يبحثان عن لقمة العيش
والعجوز المسكين لا تقوى على مساعدتها وليس بيدها حيلة
بعد لحظات توفيت الزوجة الشريفة المخلصة لزوجها
التي لم ترضَ أن تتركه في أسوء حالاته
لكن ذنبه في اختيار أصدقائه وأشفقت على حاله
على أمل الرجوع إلى جادّة صوابه وصبرت على محنتها معه

ماتت وبصدرها إبنتها الرضيعة التي تبعتها بعد أن فارقت أمها الحياة
كان الله أرحم بها حتى لا تعيش البؤس والتشرد والشقاء الذي يعيشانه أخويها
عاد الزوج الى البيت ووجد زوجته ملقاه على الحصيرة البالية الخشنة
فحسبها نائمة ورأى إبنته على صدرها فلم يعرف هل يفرح أم يبكي 

 فأخذها ووضعها جانبا حتى يوقد زوجته
لكنه رأى عيناها شاخصتين جامدتين في السماء
تعلوا وجهها إبتسامه خفيفة يخالطها الحزن على طفليها وزوجها الذين تركتهم من بعدها
فتراجع لطفي ذعرا وخوفا
ثم نظر إلى الرضيعة وأخذها بين يديه لكنها لم تحرك ساكنا
وعرف أنها فارقت الحياة ثم عاد إلى زوجته ليوقظها
لم يدرك بعد أو لم يستوعب أنها ماتت
فرفع رأسها ناظرا إليها وبدأ صوابه يعود إليه شيئا فشيئا 

فأكب عليها يعانقها وأطلق صرخة سمعها كل أهل الحي واااشقاءاااه... وشقاءاااه

خرج على وجهه هائما يمشي في الطرقات
ويضرب رأسه بالأعمدة والجدران ويصيح ويبكي قائلا:
زوجتي أرجوكي عودي للحياة... لكن هيهات هيهات
أبنائي أين أنتم تعالوا إلي...
وسقط على الأرض يئن ويبكي وينوح
فكانت تلك اللحظة القصيرة التي إستفاق فيها من غيبوبته
لكن بعد ماذا!! بعد أن خسر كل شيء خسر أسرته السعيدة
خسر حياته خسر أمواله وكل شيء عندما لم يتفطن للصحبة السيئة
فوارحمتاه له ولزوجته الوفية المخلصة
ولطفلته التي فارقت الحياة بعد قدومها مباشرة ولولديه المشردين البؤساء


:المغزى أو العبرة
الصاحب ساحب، المرء على دين خليله فلينظر أحدكم أيهم يخالل


لمزيد من الحكايات المشوقة اطلع على قسم حكاية من 👈هنا👉

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-