';function Lazy(){if(LazyAdsense){LazyAdsense = false;var Adsensecode = document.createElement('script');Adsensecode.src = AdsenseUrl;Adsensecode.async = true;Adsensecode.crossOrigin = 'anonymous';document.head.appendChild(Adsensecode)}}

قصة الإيثارالجزء (1)

 

قصة-قصص-قصة العيد الجزء (1)

قصة الإيثار الجزء(1)

قصة إيثار الأصدقاء الثلاثة لبعضهم البعض، قصة تجسد أسمى معاني الإيخاء والتآزر في وقت الشدّة والمحن.

ساد الظلام على مدينة الجمال دمشق الغافية تحت جنح الليل الحالك... حتى إنّ من يلتمس نور القمر،
لا يكاد يستبين له أثرا ... إذ لم يبق في الشهر القمري إلا يوم أو يومان...
وجلس ثلاثتهم في فناء المسجد بعد صلاة التراويح...كل منهم يشكوا للآخر همّه ليُوفّر لأطفاله ملابس العيد،
تمزّق حجب الصمت الذي أرخى سدله على الكون!!
لقد احتدموا في نقاش حاد و محيّر، كل منهم يبحث عن مخرج ليوفر لأبنائه فرحة العيد.
ومن خلال الضوء الخافت للسراج الصغير المعلّق على جدار فناء المسجد تتجه أنظارهم 
حول كيس صغير مرمي في زاوية فناء المسجد.

 قد ألقى به أحد المتصدقين على الأرض...ولكي لا يحرج أحد الفقراء عندما يقدمه له بيده.
وكما هو متعارف من يجد شيئا داخل حرم المسجد لابد أن يأخذه لإمام المسجد ليرجعه لصاحبه
لكن المتصدق قد كتب داخل الكيس " إن كنت بحاجته فهو لك"، وأخبر الإمام:
أنه من يجد كيس لونه أحمر مملوء بالدراهم فإن كان بحاجة للنقود فهو له
وإن كان في غنى عنه أو يعرف أحد الفقراء فليعطيه له

ولا تكاد تصغي قليلا حتى تسمع صوتا أصم يشير إلى الكيس،
أبو مصعب: ما ذاك الكيس؟؟
أبو حاتم: يبدو أنه كيس دراهم قد وقع لأحدهم !!
- قام أبو علاء ليرى ما هو ....
إذ به يكتشف أنه بالفعل كيس فيه النقود كما قال أبو حاتم ويلقيه أمام صديقيه...

عندما تأخذ الدهشة بأحدهم مأخذا عظيما، فيضرب بيده على الكيس.
فيعرف أنّ ما فيه إنما هو دراهم، قد كدّس بعضها فوق بعض!
وتشتّد الحيرة والتساؤل ... وكل منهم يتسائل لمن يكون قد وقع كيس كهذا؟؟
لابد وأنّ أحدهم ينوي التصدق به لمن هو محتاج إليه،
حتى فتحوا الكيس ليجدوا أنه مكتوب داخله " هذا الكيس لمن هو في أمسّ الحاجة إليه"

وبعد جدال حاد دار بينهم فيمن هو أحق بالمبلغ كل واحد منهم يقول: أنت أحق به مني،
ليرد الآخر بل أنت أحوج به مني، لقد جئتني تطلب حاجتك و هاهي لك 
لكني وجدتك في حال أسوء من حالي. 
يترك أبو مصعب  صديقيه في ساحة المسجد...ليخرج منها وقد ناء ظهره بثقل الهموم التي يحملها...
ويتجه إلى بيته... يلتمس فيها شيء من الهدوء، يساعده في الاحتيال لمخرج من المأزق الذي تمر به نفسه!!
وهناك أسند ظهره على الجدار، واستراح قليلا لتستعيد أعصابه المتوترة شيئا من الهدوء،
ثم راح فكره يستعرض في ذاكرته تسلسل حوادث القصة المتأزمة من أولها.

أجل إنّ زوجتي أم مصعب  هي السبب، لقد كنت أنا وصديقاي هذان كنفس واحدة.
إنها هي التي ذكرتني بالأولاد... وما ستؤول إليه حالهم من التعاسة والبؤس، إن هم مرَ عليهم العيد،
وليس لديهم ما يلبسونه؛ أسوة بأولاد الجيران، ولولا ذلك لما صرت إلى ما أنا عليه اليوم!!
ولكن ماذا اقترفت تلك المسكينة الصابرة من ذنب في قولها هذا... حتى أحملها المسؤولية؟!
الحق معها... فالأولاد في حال يرثى لها... ولم يبق للعيد إلا أيام!!
أمّا نحن في أنفسنا، فنصبر على البؤس والشدة، وأمّا صبياننا هؤلاء فقد قطعوا قلبي رحمة بهم
لأنهم سوف يرون صبيان الجيران قد تزينوا في عيدهم وأصلحوا ثيابهم وهم على هذه الحال من الثياب الرثّة!!

لا... إنها مسؤولية أو ليست هي التي حرضتني عندما قالت:
فلو احتلت بشيء تصرفه في كسوتهم؟
ولذلك فإنني أستجيب لطلبها... وأرسلت إلى صديقي "أبو حاتم" قبل أيام  (أسأله التوسعة عليّ لما حضر)
وكان أن أعطاني صاحبيّ هذا الكيس الذي وجدناه في المسجد.
بعد أن تشاور هو وصديقي أبو علاء وأذن لهم إمام المسجد بإعطائه لشخص هو في حاجة إليه،
فقررا على أنني بحاجة إليه أكثر منهم.
فتبددت لمرآه على الفور سحب البؤس والشدّة، من أفق التفكير... ليحل محلها الرضى والاطمئنان.
على أرفع معنى وأجمل شكل!!

وما استقر قراري وفرحت أم العيّال بكيس النقود... حتى قرّرت الذهاب  إلي بيت صديقي أبو علاء،
وجدته يشكو إلى أبو حاتم حاله مثل ما شكوت له حالي، 
وحاله مثل حالنا أو ربما أسوء 
فوجهت إليه الكيس بحاله وأقسمت عليه أن يأخذه مني، و دون أن يعلم بذلك أبو حاتم
و من غير أن أنظر ما فيه أو أنقص منه درهما واحدا،.
ثم لم ألبث أن خجّلت من زوجتي... بعد أن خشيت أن تسألني عما صنعت بكيس الدراهم..
فخرجت إلى المسجد ...فأقمت فيه إلى ما بعد منتصف الليل، أشغل وقتي بالعبادة والذكر وتلاوة القرآن.
وما إن عدت إلى البيت حتى خاب أملي في تجنب اللقاء بها.. لقد كانت بانتظاري، فلم أجد مهرب من شرح الأمر على حقيقته.

وقبل أن أوضح لها ذلك ...
قدمت لحديثي بمقدمات كثيرة عن الأخوة التي بيني وبين صديقي أبو علاء، وبيّنت لها أن مقتضى الأخوة الإيثار،
وأن ما نقدمه بين أيدينا إنما هو الذي يبقى لنا عند الله، أما ما نصرفه في شؤون الدنيا فإنه عرض زائل.
ثم رويت لها ما حدّثت به أم المؤمنين "السيدة عائشة رضي الله عنها"
عندما ذبح في منزله صلى الله عليه وسلم شاة، فجعل يأتي الفقير والمحتاج،
فيأمر رسول الله بإعطاءه من الشاة حتى لم يبق منها إلا الكتف، ولما سأل رسول الله عن الشاة ما بقي منها؟؟:
قالت السيدة عائشة: لم يبق منها إلا الكتف، فقال صلى الله عليه وسلم: بقي كلها غير الكتف.

ثم أردفت ذلك ببيان عظيم ثواب الذي يؤثر على نفسه، فأشرت إلى أن الله عز وجل وصفهم بالفلاح
قال تعالى: "ويؤثرون على أنفسهم ولم كان بهم خصّاصة ومن يوق شحَ نفسه فأولئك هم المفلحون".
ولكنني ما كدّت أوضح لها جلية الأمر.. في أنني أرسلت كيس الدراهم بكامله إلى صديقي "أبو علاء"
حتى تبدي لي موقفها، على غاية من الروعة، بل على خير ما يمكن أن تكون الزوجة.
لقد باركت عملي، وواست كربي وخففت عني الهموم التي كانت تراودني من جرّاء ما كان يثور في مخيلتي
من صورة لأطفالي وهم يبكون أمامي صباح العيد، ولا حيلة لي في سّد حاجتهم.

ثم قالت: نستطيع نحن تدبير الأمر بما عندنا من بقايا طعام مدخر وثياب قديمة، يمكن أن نجري عليها بعض التحسينات
وأردفت تقول: أما صديقك "أبو علاء"  فلو لم يكن بأمّس الحاجة لما شكى لك حاله، وهذه الأيام أيام عيد
وأحب  الأعمال إلى الله جبر الخواطر...
فتذكرت حينذاك, ما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثنيت عليها وقلت:
بارك الله فيك يا أم مصعب....
والله إنك ما خرجتي في قولك هذا قيد شعرة عن مغزى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم,
فقالت: وما ذاك يا أبا مصعب؟؟
وبصوت هادئ رزين قلت:

ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
من نفَس عن مسلم كربة من كرب الدنيا، نفَس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة،
 ومن يسَر على معسَر في الدنيا، يسَر الله عليه في الدنيا والاخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه...
ورحت أتأمل عملي الذي يسَره الله لي في هذه الليلة، وأنا لا أشَك في فضل الله،
وأن الله تعالى سيضاعف لي ثواب عملي أضعافا وأضعافا، ويكفيني مفخرة أن يكون الله عز وجل في عوني.
فاعتراني سرور بالغ ما عرفت له مثيلا قط.
وّبت ليلتي هذه، أتنعم بحلاوة الإيثار، اصطنعتها لله ومن أجل رضى الله!!

وبينما أنا وزوجتي، نعيش أحلى ساعة من عمرنا، نتذوق حلاوة طعم الإيثار،
ونستشعر الفضل الإلهي في تنقية نفسينا ممّا بها من كرب في الدنيا قبل الدار الآخرة.
وبينما كنا نستمتع بما وفقنا الله إليه في هذه الليلة، إذا الباب يطرق، واستغربنا أن يطرق الباب في هذا الوقت المتأخر من الليل.
وأسرعت في فتح الباب، فإذا صديقي "أبو حاتم" واقف...
وما راعني إلا أنني رأيته واجم الوجه، لا ينبس ببنت شفة!!
فابتدرته بالتحية، غير أنه لم يرد التحية إلا تكلفا.

يا الله !! ماذا حدث؟؟ ماذا فعلت مع هذا الصديق الحميم الذي أكرمني في هذه الليلة وتفضل بإعطائي كيس الدراهم،
ونظرت في يده، فإذا به يحمل كيسا من الدراهم، يشبه الكيس الذي مر ببيتي مرور الكرام قبل ساعات!!
وكدت أغرق في التفكير، باحثا في وجوم صديقي على الرغم ممّا منّ به علي في هذا اليوم..
غير أنني استدركت... وقطعت حبل التفكير... طالبا من صديقي أن يتفضل بالدخول
ومن مدخل هذه الغرفة المجاورة، ألقى الصديق بكيس الدراهم في وسط الحجرة..
وبوجه متهجّم... ونبرات حادة التفت إلي يقول:

"اصدقني الخبر عمّا فعلته فيما وجّهت لك"
فحرت في أمري...ولم أستطع معرفة سبب الإنزعاج الكبير الذي داخل نفس هذا الصديق!!
لذلك لم أزد على أن "عرفته الخبر على جهته" دون زيادة أو نقصان
وما أروع ذلك الموقف، عندما رأيت وجه صديقي المتقطّب تنفرج أساريره وتفتر شفتاه عن ابتسامة عريضة،
اطمأن لها قلبي الهلع.
غير أني لم أفهم من ذلك شيئا!!
كما أنني لم أعرف كيف وصل هذا الكيس إليه بعد أن أعطيته لصديقي أبو علاء!!
ولما سألته عن جلية الأمر أنشأ يقول:

" أرسلت إليّ تطلب المساعدة فبعثت لك الكيس كما هو"
وبتّ ليلتي، محتار في شيء أصلح به أمر عيالي وأولادي ولا سيما أن العيد قد صار على الأبواب!!
فكتبت إلى صديقنا أبو علاء "أسأله المواساة" دون أن أطلب منه النقود 
وما راعني إلا أنه وجّه إليّ كيسي بخاتمي عليه قد وقع داخل الكيس !!
وابتسم ابتسامة خفيفة وقال:
والآن يا أبا مصعب... هل فهمت؟؟
فقابلت ابتسامته بأخرى تماثلها وقلت له:

إذن ما كاد  يتسلّم كيسك الذي بعثت أنا به إليه، حتى كنت أنت قد أرسلت اليه تطلب المواساة
وقبل أن يفتحه أرسله إليك، بكل ما فيه... حتى إن خاتمك لا يزال عليه!! أليس كذلك؟؟
أجل يا عزيزي..
لقد دار الكيس بيننا نحن الثلاثة، ثم عاد إليّ، وها أنذا أعيده إليك فخذه ولتطب به نفسا...
                                                                                                               يتبع....

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-