';function Lazy(){if(LazyAdsense){LazyAdsense = false;var Adsensecode = document.createElement('script');Adsensecode.src = AdsenseUrl;Adsensecode.async = true;Adsensecode.crossOrigin = 'anonymous';document.head.appendChild(Adsensecode)}}

قصة زنزانتي المتجولة (الجزء1)

 

قصة زنزانتي المتجولة (الجزء1)

زنزانتي المتجولة

قصة زنزانتي المتجولة

قصة كعب بن مالك وكيف تخلّف عن القافلة التي كانت متجهة لمواجهة المشركين. 

قصّة كعب بن مالك وتخلّفه عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وجب علينا أن نحترم الصحابة ونقدّرهم لمكانتهم العالية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي قلوبنا
لكنهم بشر غير معصومين من الخطأ
في هذه القصة يروي الصحابي الجليل كعب بن مالك حكايته مع صراع الزنزانة المتجولة التي قيّدت تفكيره.
إنها الزنزانة الضيقة التي أدخلت نفسي فيها سجن قيّد حريتي لأيام طويلة من الزمن وأبى مفارقتي...

وأنا جالس تحت ظل أشجار البستان، أحتمي من حر الصيف القائظ الذي لا يطاق السير فيه إلّا ليلا لشدّة حرارة الشمس،
تذكّرت كيف سار جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أسابيع غازيا إلى منطقة تبوك
في جمع غفير من جيوش المسلمين الذي يتراوح عدده ما بين 40 إلى 70,000 والآلاف من الفرسان،
في هذا الحر الشديد المضني وبدأت نفسي بالغليان نادمة على مخالفة الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد بايعته على السمع والطاعة.

هواجس كادت تقتلني لشدّة الندم من الخطأ الذي ارتكبته في حق نفسي، أتراني من المنافقين الذين يظهرون الإيمان والولاء
ويخفون الخبث والنفاق، ويظهرون بواطنهم عندما تحين ساعة الجد والجهاد لنصرة دين الحق
يا إلهي!!.. أي صراع نفسي عنيف هذا الذي أعيشه أم أنّ عذري مقبول لتخلفي عن الجيش بسبب الحر الذي يقطع الأنفاس
ويستحيل الغزو في مثل هذه الأيام؟

لكن ما الذي يميّزني عن بقية المؤمنين والصحابة الذين انطلقوا لتلبية النداء والجهاد في سبيل الله،
دون أن يزعزع إيمانهم ما تقاعست بسببه عن اللحاق بهم؟
لا يمكن أن يكون هذا سبب مقنع ولن يقبل به رسول الله صلى الله عليه وسلم،
لكنه وقت قطاف التمر وجني التمور و حصاد شهور من انتظار هذه اللحظة، و في هذا الوقت بالتحديد!؟
الحر ووقت جني القطاف!؟ التي انتظر كل منّا بتلهف لجني أمواله منها،
ولم أكمل كلامي حتى تحرّكت بداخلي نوازع الإيمان صارخة في وجه النّفس الأمارة بالسوء..
أتتخلف عن الجهاد في سبيل الله مع رسول الله وقد بايعته على السمع والطاعة والموت؟
أم أنك تتحجج بهذه الأعذار فهناك من الصبية الكثير من يقوم بجني الثمار إذ حان وقت حصادها
وباستطاعتك تكلفتهم بهذه المهام!

أو أن حجة تعذّرك بحر الصيف مقنع؟ فنار جهنم أشد حرا؛ ولك من الراحلة اثنين بدل الواحدة
وما اجتمعت إلّا في هذا الوقت، والله إن أعذارك هذه لأوهن من خيوط العنكبوت.
إن الذي دعاك إلى التّخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ التكاسل وحب الدنيا والمال..
أين أنت يا كعب من الصحابة عثمان وأبو بكر وعمر رضي الله عنهم؟،
وهم يتسابقون ويتنافسون على تقديم أموالهم فداءاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله
منهم من قدّم نصف ما يملك وأبو بكر قدّم كل ما يملك لو وزن ايمانك بهؤلاء المبشرين بالجنة كم يساوي!؟؟

أليس من الأجدر بمحمد لو أجّل الغزاة إلى ما بعد أفول الحر وجني الثمار!؟
ولماذا لم ينتظر رسول الله حتى يقدم العدو إلينا فنهبّ إليه هبّة رجل واحد ونقضي عليه!؟
صرخ الإيمان بداخلي قائلا ما بك يا مالك!؟
والله إن ذهابنا لملاقاة العدو يضمن ويعزز انتشار الاسلام خارج الجزيرة العربية،
وكما أنّ ملاقاة العدو في عقر دارهم تطفئ روح العدوان في نفوسهم.
وهذا ما يساعد على إنتشار الإسلام أكثر في تلك المناطق الخاضعة لسلطان الروم..
أم أنك يا كعب برأيك وأعذارك وحججك هذه أذكى وأعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته
لكن ظنّي قد غلب أني وإذا تخلّفت فالجمع والعدد الذي ذهب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يصعب أن يعرف أي انسان من حضر ومن تخلّف.

وبينما أنا أتجول في بستاني حتى قدم إليّ "الجد أبا قيس"، أجلسته مكاني تحت الظل الموفور
وبادرت بسؤالي كيف حالك يا "أبا قيس"؟ فأجابني بامتغاص اسأل عن حال أبنائنا الذين خرجوا مع محمد لغزو الروم!!
متى كانت العرب تتجرأ على مواجهة الروم!؟
لقد استجاب محمد لأفكار الصبية الطائشين في الإقدام على مثل هذا الأمر..

استغربت حديثه وقلت له: كيف استأذنت من رسول الله في عدم الخروج معه؟ قال لي: لقد تحايلت بحجة لم أتحايل بمثلها في حياتي لقد اعتذرت من رسول الله قائلا: ائذن لي يا رسول الله ولا تفتني فوالله إنه لا يوجد رجل من قومي أشدّ عُجبا بالنساء وإني أخاف إن رأيت نساء بني الأصفر وحسنهن لا أصبر حتى لا أفتتن بجمالهن فقلت له: وهل وافقك رسول الله!؟

قال: أعرض عن طلبي؛ وبعد الحاح مني وافق على كره منه.
قلت له: ويحك يا أبا قيس قد تكون أنت من نزلت فيه الآية ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا،
والله إني لأراها تنطبق عليك انطباق الكف على الكف... فبدت على وجهه أمارات الامتغاص،
لكنه تظاهر بعدم المبالاة وكأنّ الأمر لا يعنيه لا من قريب أو بعيد
وقال: لا لم تنزل الآية بسببي، فقد أذن لي محمد، لكن إبني عبد الله وبّخني ونعتني بالنفاق
وهل يريدون مني أن ألقي بنفسي إلى الهلاك الحتمي؟..
ثم همس لي قائلا ستأتيك أخبار عدد الناجين من قبضة الروم.

صرخت في وجهه قائلا كفاك يا رجل، إنك تظهر الشماتة الكبيرة بمحمد وصحبه والله لن يخذله الله
ووقتها زاد شعوري بالندم والألم يعتصر قلبي في عدم اللحاق مع رسول الله، وما زادني حسرة لمّا سخر مني أبا القيس قائلا:
لما كل هذا الحماس فلماذا لم تلتحق بهم إذا!؟
أولست ممّن نزلت الآيه فيهم تقول "فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر" وقد تعذّرت عن اللحاق بسبب الحر وقالت الآية "قل نار جهنم أشدّ حرا"
فقلت له: نعم تخلّفت ظناً مني أني أستطيع جمع الثمار في أيام قليلة ويكون الحر قد خف
وبعدها ألحق بهم ليبادرني بسخرية أشدّ من سابقتها.

لكنك ياكعب وجدّت ضلا ضليلا وهواءاً عليلا وفضّلت المكوث في هذا المكان مع زوجة تسامرك أليس كذلك يا كعب!؟
تمنيت وقتها لو أن الأرض تنشق لتبلعني، ثم رددت عليه قائلا:
لا والله لمّا همّ الرجال بتجهيز رحالهم قلت في نفسي لا بأس أستطيع أن أجهز راحلتي لاحقا..
تمادى بي الأمر حتى رحل الغزاة وأنا لم أجهز شيئا فقلت في نفسي لا حاجة لهم بي
قال أبا القيس: غريب أمرك كل مرة تقول حجّة
ههزت برأسي... نعم لقد وقعت في إغواءات إبليس.
أبا قيس: أجزم أنك حتى وإن غدوت معهم في منتصف الطريق ستعود كما عاد نصف الجيش مع "عبد الله بن أبي"

صرخت في وجهه قائلا:
كذبت يا عدو الله لم يعد مع صاحبك عبد الله بن أبي إلّا القلّة من المنافقين وقد زهد فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صمتنا قليلا حتى أقبل علينا عبد الله بن أبي ينقل لنا الخبر الذي تحمّسنا لسماعه.
إبن أبي: لم يصل محمد إلى مقصده إلّا وقد انفلت منه معظم الغازين ولم يبق معه إلّا القلّة القليلة قبل وصولهم إلى مكان المعركة.
إن محمدا يرفض حكمة الشيوخ ليتبع أهواء الشباب..
تابع أبا قيس وابن أُبي حديثهما الساخر عن محمد وصحبه.
أبا قيس: لقد حذّرهم "سويلم اليهودي" من ملاقاة الروم فهؤلاء القوم لهم خبرة قوية في المعارك والحروب
ويحسب محمد أن ملاقاة الروم كمعارك العرب بعضهم بعضا
فصرخت في وجههما: اصمتا أيها الأحمقان المنافقان إني لأرجو من رسول الله أن يضرب بعنقكما لِما تظهرانه من خبث ونفاق.
ثم تابع أباقيس سخريته عن الصحابي الجليل أبي ذر، يخبر ابن أُبي كيف تخلّف عن رسول الله
بحجة أن بعيره أبطاه لينجو بنفسه..

لم أترك له المجال للافتراء على صحابي مثل "أبي ذر"، حتى قاطعته قائلا:
كذبت يا عدو الله لقد بايع أبي ذر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت ليردّ عليّا بسخرية قائلا:
نعم بايعه على الموت كما بايعته أنت على الموت في العقبة وشهدت معه الغزوات
وأنت تقف أمامنا الآن وقد خذلته هذه المرة.

ثم لجأ ابن أُبي بسؤال ساخر لِما لم يدعو محمد ربه ليزيل ما بهم من محنة ويهزم عدوهم!!؟
ردّدت عليه: نعم يدعو ربه عندما تنقطع عنهم السبل المادية المتاحة، ولكن ما دامت الوسائل متاحة أمامه فلابد أن يأخذ بالأسباب ليختبر إيمان المؤمنين والصحابة.
انصرف المنافقان من عندي وبقيت وحدي أفكر في السجن الذي يعصر قلبي عمّا اقترفته بحق نفسي قد أصبح كل مكان أجلس فيه من بيتي وبستاني سجنا يلاحقني. حتى عناقيد التمر والنخل وظلالها أصبحت أراها كشجرة الزقوم وتغيّرت نظرتي لزوجتي التي أصرّت عليا باللحاق في الجهاد وأنا أعرف أن لا ذنب لها سوى أنني أسير زنزانتي المتجولة.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-