';function Lazy(){if(LazyAdsense){LazyAdsense = false;var Adsensecode = document.createElement('script');Adsensecode.src = AdsenseUrl;Adsensecode.async = true;Adsensecode.crossOrigin = 'anonymous';document.head.appendChild(Adsensecode)}}

قصّة حي بن يقضان

قصّة حي بن يقضان
قصّة حي بن يقضان


 قصّة حي بن يقضان

قصّة خيالية تحاكي واقع الإنسان القديم، قصة شيقة ولغز محيّر كيف عاش "حي بن يقظان" خمسين سنة من عمره وحيدا في جزيرة نائية 

يحكى أن ملكا ظالما كان يحكم جزيرة من الجزر، وكان هذا الملك عقيما لا ينجب أولادا.
فخشي على ملكه وعزم على أن يقتل كل صبي يولد من أقربائه حتى لا يجتمع الناس حوله ليخلعوا هذا الملك الظالم.
كان للملك أخت جميله تزوجت برجل من أهل الجزيرة اسمه يقضان؛
ثم ولدت صبيا فخافت عليه من أخيها الملك الظالم، فأرضعته حتى شبع ووضعته في صندوق وتركته على ساحل البحر
ليأخذه المد إلى جزيرة أخرى وودّعت رضيعها وهي تبكي وتقول:
يا رب لقد خلقت هذا الطفل ورزقته في ظلمات بطني ورعيته حتى خرج إلى النور...
وأنا أسلّمه الآن إلى لطفك ورعايتك.

حمل المد الصندوق وفيه الطفل "حَيّ" حتى أرساه بين أشجار ملتفّة على شاطئ جزيرة كثيرة الخيرات وافرة الثمرات خالية من الحشرات الضارّة والوحوش المفترسة.
جاع الطفل وبكى فلم يجبه أحد...
فلمّا اشتدّ بكاؤه سمعته ظبية كانت قد فقدت وليدها فظنت أن الصوت الباكي هو صوته
فتتبّعته حتى وصلت إلى الصندوق
وحين رأت الطفل حنّت عليه وأرضعته لبنا سائغا لذيذا وأخذت تتعهده وتدفع عنه الأذى.

حين أتمّ "حَيّ" عامين من عمره كانت أسنانه قد نبتت وتعلم المشي واستقام جسمه
فكان يخطو خلف الظبية ويأكل من ثمار الأشجار وكان يقلّد صوت أمه الظبية
وصوت الحيوانات الأخرى التي يراها في الجزيرة
ولمّا كان التفكير هبة من الله سبحانه وتعالى للإنسان فقد بدأ "حَيّ" يفكر في كل ما يراه.

حين بلغ السابعة من عمره نظر إلى الحيوانات حوله فرآها مكسوة الجسم إمّا بالوبر أو بالشعر أو الريش أو الصوف،
وكان هو عاريا...
قطع "حَيّ" بعض أوراق الشجر العريضة وجعل بعضا منها أمامه وبعضا خلفه،
ثم حزم هذه الأوراق بحزام من الخُوص ولكن هذا الورق ذبل بسرعة فأخذ يغيره بورق جديد
ثم وجد أنه لو جفّفّه وظفره شرائح لبقي مدّة أطول ففعل ذلك
وكانت هذه الأوراق المظفورة هي ملابس "حَيّ" التي تكسوه وتحميه من الحر والبرد

لاحظ "حَيّ" مرة أخرى أن كل الحيوانات تملك أسلحة تدافع بها عن نفسها
فمنها ما له قرنان طويلان ومنها ما له نابان بارزان ومنها ماله حوافر أو مخالب أو أشواكا وكان هو بلا سلاح؛
قطع "حَيّ" غصنا من أغصان الشجر واتّخذه عصا وكانت عصاه الأولى خشنة معوجة،
فأخذ يسويها فانكسرت بين يديه فاختار غصنا آخر أشدّ صلابة واتّخذ منه عصاً متينة.
صنع "حيّ" كل ذلك بيديه وحدهما فعرف عندئذ أنّ يديه أكثر فائدة له من أضلاف الحيوانات وحوافرها وأنيابها

أصبحت الظبية "أم حَيّ" عجوزا بطيئة الحركة فكان حي يجمع لها العشب والثمر ويطعمها بيديه
وذات يوم كان يقف بجوارها وهو يحنو عليها؛
حتى ارتعدت فجأة ارتعادا عنيفا وسقطت إلى الأرض، ثم سكنت حركتها...
انزعج "حَيّ" وأخذ يناديها بالصوت الذي كان يناديها به ولكنها لم تتحرك
فظن "حَيّ" أن شيئا ما قد أصابها فأوقف حركة أعضائها
فتحسّس جسمها فإذا هو سليم كله الأذنان والأنف والصدر والظهر والقوائم الأمامية والخلفية
وعرف "حَيّ" عندئذ أن العضو المصاب عضو لا يمكن رؤيته في داخل جسمها.

جلس "حَيّ" بجوار الضبية يائسا يبكي يوما كاملا ولم يدرِ ماذا يفعل!؟
فنظر أمامه فإذا بغرابين يتقاتلان، حتى صرع أحدهما الآخر
وعندئذ أخذ الغراب المنتصر يحفر الأرض بمنقاره حتى هيأ حفرة تتّسع للغراب القتيل
ثم أخذ يرفع جسم الغراب القتيل حتى وواراه الثرى في هذه الحفرة
وفهم "حَيّ" هذا الدرس فحفر لأمه الضبية حفرة تتّسع لها ثم أودعها فيها.

وبعد سنوات قليلة اكتشف "حَيّ" عن أشياء لم يكن يعرفها من قبل
فقد أصبح شابا مكسوا بجلود الحيوانات التي عرف كيف يصطادها
وبنى لنفسه من جذوع الشجر وأغصانها كوخا يقّيه من الحر والبرد
والحق بالكوخ مخزنا صغيرا لغذائه حتى لا يخرج للبحث عن الطعام عند كل وجبة،
كما انّسّ بعض الطيور وجعل من بيضها طعاما له
وأنّسّ بعض الخيول لكي يركبها ويقطع بها مسافات طويلة بحثا عن الطعام.

ذات مساء رأى "حَيّ" كومة من الأعشاب والجذوع تحترق وكان منظر النار جميلا في وسط الظلام الدامس،
فاقترب من النار وحاول لمسها فلسعته ولفحت وجهه
فمدّ إليها غصن شجرة فإذا به يشتعل، فجذب الغصن وكوّم عليه بعض الأغصان الأخرى
ووضع على الأغصان بعض ما اصطاده من حيوانات جزيرة
ثم وجد أن اللحم قد أصبح أطيب طعما وأسهل مدغا.

وأصبحت ليالي "حَيّ" في الجزيرة دافئة إذ كان آمنا في كوخه وطعامه في مخزنه؛
فبدأ يفكّر في وحدته ويتأمل في أمور الكون والكائنات.
رأى حوله نباتا وحيوانات وطيورا ورأى أن النبات يتغدى وينمو مثل الحيوانات والطيور
ولكن الحيوانات تتنقل والطيور تطير وتحلق
ثم رأى حوله تلالا وأحجارا، أشياء لا تنمو ولا تتغدى ولا تتحرك أو تطير...
ثم اهتدى ذهنه إلى تقسيم الكائنات إلى ثلاثة أنواع وإن لم يطلق على كل نوع منها اسماً.
نوع يتغذى وينمو ولكنه لا يتحرك او يطير وذلك هو النبات،
ونوعا جامد ساكن لا يتحرك ولا يتغذى ولا ينمو وذلك هو الجماد.
ورأى نفسه يختلف عن هؤلاء جميعا.

ذات ليلة سأل حي نفسه من أوجد هذه الكائنات كلها؟!
إنّ هذه الكائنات كلها لا تستطيع أن توجد نفسها في هذه الحياة،
فهي كلها تعيش زمنا يطول أو يقصر ثم تموت لتحلّ محلها كائنات أخرى
وهناك أشياء يتكرر ظهورها كل ليلة أو كل صباح، مثل القمر والشمس والنجوم
ولكنها أيضا تختفي في وقت معلوم.

لقد فطن "حَيّ" إلى أنّ لهذا الكون خالقا قد رتّبه وأحسن ترتيبه أن كل الكائنات يصيبها المرض والدّاء
فالأشجار تذوي وتتساقط والحيوانات تمرض وتموت والشمس يحجبها السحاب أحيانا
والقمر يصغر ويختفي والنجوم تهوي على هيئة شهب محترقة أو تغوص في الغيوم
كل هذه الكائنات ناقصة فلابد أن خالقه هو الكامل.
وكل هذه الكائنات متغيرة فلابد أن خالقه هو الثابت الأزلي
لقد اهتدى حي بعقله وحده إلى معنى قوله تعالى "كل شيء هالك إلّا وجهه.

كانت حياة "حَيّ" تمضي سعيدة هادئة يقضي معظم وقته في التأمل ولا يغادركوخه إلّا مرة في الأسبوع
ليبحث عن طعام يختزنه في مخزنه الصغير.

ولمّا بلغ 50 سنة التقى بإنسان آخر يدعى "أبسالا" ولأبسال قصّة
فقد كان رجلا صالحا متعبدا يعيش في إحدى الجزر القريبة المأهولة بالبشر
وقد سمع عن الجزيرة التي يعيش عليها "حَيّ" ولكنه لم يكن يعلم بوجود "حَيّ" عليها
وكان من المعلوم أنّ الجزيرة مهجورة ذات أرض خصبة طيبة الهواء خالية من الوحوش المفترسة
فاستقر رأي "أبسال" على أن يهاجر إليها ويقضي فيها بقيّة عمره وحيدا فريدا لكي يعبد الله.

استأجر "أبسال" مركبا حمله إلى الجزيرة، فعاش عليها زمنا يأكل من ثمراتها وينصرف إلى العبادة والصلاة،
وعندما التقى الرجلان ظن "أبسال" أنّ "حَيّ بن يقضان" رجل مثله اعتزل الحياة لكي يعبد الله.
أما حي فقد دهش حين راه يصلي لله ويتمتم بكلام غير مفهوم فأخذ يدور حوله.

حاول "أبسال أن يحدث حي بن يقضان بكل لغة يعرفها ولكن دون جدوى.
فظلّا يعيشان على الجزيرة زمنا حتى استطاع حي أن يتعلم من "أبسال" بعضا من لغته
إذ كان يشير إلى الأشياء ثم ينطق بأسمائها فينطقها "حَيّ" بعده...
هذه شجرة وهذا طائر وذلك نهير أو غرير وتلك سحابه حتى عرف "حَيّ" أسماء الأشياء جميعها
ثم بدأ "أبسال" بعد ذلك يحدّثه فيفهم "حَيّ" منه ما يقول ويلتقط كلمات جديدة كل يوم.

وعرف "أبسال" من "حَيّ" قصّته.
ثم تعلم "حَيّ" من "أبسال" الفرائض كما وردت في الشريعة السماوية،
فكان يصليان معا وإزدادت محبّة "أبسال لحي بن يقضان"
حين وجده قد عرف بعقله وحده أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق كل شيء
وازدادت محبة "حي لأبسال" حين تعلم منه اللغة وفرائض الدين
واتّفق الصديقان على أن يذهب "حَيّ مع "أبسال" إلى جزيرته الأولى ليلتقيا بالناس
وذهب الصديقان إلى جزيرة "أبسال" فسمع الناس قصّة "حَيّ بن يقضان"
وعرفوا كيف اهتدى بفطرته إلى الإيمان بالله فلم يملكوا إلّا أن يقولوا: سبحان الله...
جلّت قدرته أن العقل هو أعظم النعم التي وهبها الله للإنسان.

مثل هذه القصص الحصرية وأكثر تجدونها داخل مدونتنا، عليكم متابعتنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي ليصلكم كل ماهو جديد في عالم القصص وشارك متعة المطالعة والتشويق مع غيرك.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-