1قصة التاجر الفقير وجبل الذهب الجزء
قصة التاجر الفقير وجبل الذهب من القصص المثيرة والمشوقة
يحكى أنه في إحدى المدن القديمة كان يعيش إبن تاجر غني يسمى محمد
لا يعرف شيئا سوى الرفاهية والترف منذ نعومة أظافره
كان محاطا بكل ما يمكن أن يريده أي شاب في مثل سنه
ملابس من حرير والقطن الفاخر غرف واسعة مزينة بأفخم الأثاث
خدم يلبون كل احتياجاته، وأطعمة متنوعة على موائد والده التاجر
الذي كان يعتبر أحد أغنى تجار المدينة
كان والده رجل ذا سمعة طيبة بين أهالي المدينة يعرفه الجميع بحكمته وكرمه
بنى ثروته بجهده وكفاحه لكن إبنه لم يكن يعرف شيئا عن هذا الطريق الشاق
على عكس والده، لم يكن محمد يهتم إلّا باللهو والمرح
فكل ما كان يهمه هو التمتع بالحياة
كان يجوب شوارع المدينة في عربات مزخرفة يرتاد أفضل الحفلات والمناسبات الإجتماعية
ويصرف المال ببذخ على كل ما يجذب انتباهه سواء كان يستحقه أم لا
مرّت سنوات طويلة على هذا الحال بينما ظل والده منشغلا بأعماله التجارية
يغيب عن المنزل أسابيع وشهور في رحلات تجارية طويلة
جالبا معه المزيد من الثروات والبضائع الفاخرة
مع كل رحلة يعود منها كانت الأموال تتدفق..
وأصبح الإبن يظن أن هذا المال لن ينفذ أبدا كان ينفق دون تفكير أو حساب
يشتري أرقى الملابس ويسافر إلى أماكن بعيدة للإستمتاع بالمغامرات
لا هدف له سوى إشباع رغباته الشخصية
كان يحيط نفسه بأصدقاء كثر لا يقلون عنه تبذيرا
كانوا يتناولون أغلى المأكولات ويركبون أفخم الخيول والعربات
كانوا يجتمعون في منزله الفاخر يقيمون حفلات تستمر لساعات طويلة
حيث يعزف الموسيقيون ويرقص الجميع حتى الفجر
في تلك اللحظات كان محمد يشعر وكأنه ملك وكان يظن أن هذه الحياة ستستمر إلى الأبد
لكن كما يقول المثل دوام الحال من المحال في الأمور العسيرة
فبعد فترة من الزمن بدأت الأمور تتغير
كانت أولى علامات الأزمة المالية تبدأ في الظهور
عندما لاحظ محمد أن الأموال لم تعد تأتي بنفس الوفرة التي اعتاد عليها
عاد والده من إحدى رحلاته التجارية الطويلة مرهقا وعلى وجهه ملامح القلق والتعب
كانت التجارة قد تأثرت بشدّة بسبب التغيرات الإقتصادية المفاجئة في الأسواق
ولم تحقق البضائع التي استثمر فيها التاجر العجوز أي أرباح تُذكر
بل أن بعض الشركاء تخلفوا عن سداد ديونهم ممّا أثر على السجون المالية للعائلة
لكن محمد لم يكن يفهم تماما هذه الأمور، بالنسبة له المال هو مجرد أرقام في صندوق والده
وما دام هناك مال في ذلك الصندوق فلا داعي للقلق
استمر في الإنفاق بلا توقف
غير مدرك أن الثروة التي كانت تبدو غير محدودة بدأت في التقلص شيئا فشيئا
إستمر في تبذير الأموال على ملذاته واستمر في استقبال أصدقائه وإقامة الحفلات
ومع مرور الوقت توقفت تدفقات الأموال بشكل نهائي
فجأة لم يعد لديه المال لدفع رواتب الخدم أو لشراء الطعام الفاخر
حتى العربات التي كان يركبها لم تعد متاحة له
فقد باع والده كل شيء لتسديد ديونه المتراكمة
في صباح يوم بارد إستيقظ محمد ليجد نفسه وحيدا في قصره
كانت الخدم قد غادرت وأصدقائه الذين كانوا يحيطون به دائما تخلوا عنه
لم يعد هناك سوى الصمت والبرد،
جلس في إحدى زوايا القصر وحاول أن يستوعب حجم الكارثة التي وصل إليها
كان يسأل نفسه مرارا وتكرارا كيف حدث هذا!
لكن الإجابة كانت واضحة لقد أهدر كل شيء
أمواله وقته وحتى إحترامه لنفسه بات يشعر بالعار
ليس فقط تجاهه بل تجاه نفسه أيضا
لقد تحول من شاب مدلل إلى شخص لا يملك حتى ثمن وجبة واحدة
ومع تزايد إحساسه باليأس بدأ محمد يدرك أن عليه أن يفعل شيئا
لم يكن لديه خيار آخر سوى العمل.
لقد كان متأكدا من أنه لا يمكنه العودة إلى حياة الرفاهية
وعليه الآن أن يواجه الواقع المرير
كان يعلم أن والده العجوز لن يستطيع مساعدته بعد الآن،
فقد كل شيء لذا قرر أن يذهب إلى السوق بحثا عن فرصة عمل
في اليوم الثاني ارتدى محمد ملابسه القديمة تلك التي كان قد نسيها منذ فترة طويلة
وأخذ مجرفة صغيرة معه فهو لم يكن يعرف ماذا سيعمل
خرج من القصر بخطى ثقيلة متجها نحو السوق،
على طول الطريق كان الناس ينظرون إليه بدهشة لقد كانوا يعرفونه جيدا
الشاب الذي كان يركب العربة المذهبة ويستعرض ثروته أمام الجميع
الآن كان يسير وحيدا وجهه شاحب وعيناه تعكسان حالة من الحزن والندم
لم يعد الناس يحيونه بالإحترام لنفسه بل على العكس بدأوا يتحدثون عنه بسخرية وهمس
وصل إلى السوق وهناك وجد مجموعة من العمال الفقراء الذين ينتظرون من يستأجرهم،
وقف بينهم منتظرا أن يأتي أحد ويعرض عليه فرصة عمل
كان من الصعب عليه قبول هذا الوضع لكنه لم يكن يملك أي خيار آخر
مع مرور الساعات في السوق أدرك محمد أن حياته تغيرت إلى الأبد
لم يعد ذلك الشاب المُترف الذي يمكنه الإعتماد على ثروة والده
بل أصبح الآن مجرد شخص آخر يسعى لكسب قوته اليومي،
محمد الذي كان يعيش حياة لا تعرف التحديات
عليه أن يعتمد الآن على نفسه ويبحث عن عمل
لم يكن يعرف ماذا ينتظره لكنه كان يعلم شيئا واحدا
عليه أن يكون قويا لأن العالم لا يرحم الضعفاء
إنتهى اليوم بدون أن يجد عمل فقضى محمد الليل في القصر الفارغ
يتأمل في مصيره الجديد، الغرفة التي كانت تملأها الضحكات والاحتفالات
باتت باردة ومهجورة نهض من سريره البسيط مبكرا
ليس لأنه أراد ذلك بل لأن القلق لم يسمح له بالنوم
إرتدى ملابسه القديمة مرة أخرى
وهي ملابس بالكاد تصلح للعمل لكنها كانت كل ما يملك الآن
حمل مجرفة صغيرة وتوجه إلى السوق كما فعل في اليوم السابق
كان اليوم باردا وكئيبا والسحب الرمادية تغطي السماء
كأنها مرآة تعكس مشاعره الداخلية وبينما كان يسير عبر شوارع المدينة
كانت الأعين تحدق فيه بفضول وخجل
كان الناس لا يزالون يتذكرون هذا الشاب الذي كان يركب العربات الفاخرة ويعيش حياة الملوك
أمّا الآن فقد أصبح واحدا منهم، مجرد شخص يبحث عن عمل
عندما وصل إلى السوق وجد أنه أكثر ازدحاما من اليوم السابق
كان العمال يتجمعون في زوايا السوق ينتظرون من يستأجرهم
سواء للعمل في الحقول أو المزارع أو حتى في البناء
كان محمد يقف وسط هذا الحشد محاولا أن يتجاهل الشعور بالخزي
الذي يطارده بينما كان واقفا هناك لفت انتباهه حركة غير معتادة
فجأة بدأ الناس يتفرقون كأنما شيئا مرعبا يقترب،
بدأت الأحاديث تتصاعد والأيدي تشير في إتجاه معين،
رفع محمد رأسه ونظر ليرى ما الذي يحدث وإذا به يشاهد مشهدا لم يكن يتوقعه
كانت عربة مذهبة بألوان الذهب اللامعة تجرها أربعه خيول سوداء قوية
العربة كانت تسير ببطء وكأنها تتباهى بنفسها وكان كل ما حولها يجب أن يتوقف
ليشاهد جمالها وغرابتها في تلك اللحظة ساد الصمت على السوق داخل العربة
جلس رجل متغطرس يرتدي ملابس فاخرة مصنوعة من أقمشة
لا يمكن العثور عليها إلّا في أرقى الأسواق
كانت ملامحه قاسية وعيناه باردتان تراقبان السوق باهتمام وكأنه ملك ينظر إلى عبيده
لقد عرفه الناس على الفور أنه التاجر الغني الرجل الذي تملأ سمعته المدينة
قيل أن ثروته لا تُحصى لكن لا أحد يعرف على وجه اليقين كيف جمعها
كل ما كان معروفا عنه أنه شخص قاسي ومرعب وأن التعامل معه كان مخاطرة
لا يقبلها إلّا من هو يائس تماما.
مع مرور العربة في السوق تراجع العمال والخدم بعيدا وهم يحاولون الإختباء عن أنظاره
كانوا يخشونه فقد سمعوا قصصا مرعبة عن أولئك الذين عملوا معه ولم يعودو مرة أخرى
لكن محمد لم يكن يعرف شيئا عن تلك القصص، توقفت العربة فجأة أمام محمد
لم يكن يعلم لماذا توقفت عنده تحديدا لكنه شعر بأن شيئا غير طبيعي يحدث
فتح التاجر الغني باب عربته ببطء ونزل منها واقترب من محمد بخطى ثابتة
وكان ينظر إليه نظرة حادّة ثم قال التاجر بصوت عميق وجاف أنت....،
هل تبحث عن عمل!؟
تردّد محمد للحظة ثم استجمع شجاعته وأجاب نعم: أبحث عن عمل،
ابتسم التاجر إبتسامة باردة وقال جيد لدي عمل يناسبك وسأدفع لك 100 عملة في اليوم
كانت 100 عملة مبلغا هائلا لم يكن محمد يتوقع أن يحصل على مثل هذا العرض
خاصة بعد الحالة التي وجد نفسه فيها لم يكن يعلم ما الذي يخطط له التاجر
لكن العرض كان مغريا ربما كان هذا هو الحظ الذي يحتاجه لاستعادة حياته
قال محمد بعد لحظة من التفكير: 100 عملة!!
يبدو كثيرا على عمل بسيط ما هو المطلوب مني؟
قال التاجر وهو يراقب محمد بعينيه الباردتين:
سوف تعرف قريبا العمل ليس بالسهل لكنه يستحق الثمن
نظر محمد حوله.. الجميع كان يتجنبه يختبئون في زوايا السوق
وكأنهم يعلمون شيئا يخشاه الجميع، لكنه لم يكن لديه خيار آخر
استجمع شجاعته وقال: حسنا سأقبل العمل
ابتسم التاجر ابتسامة عريضة هذه المرة لكنها كانت إبتسامة تحمل معاني كثيرة
وقال: اتفقنا..
إذا سنلتقي غدا عند المرفأ
في الصباح الباكر كن مستعدا.
ثم استدار التاجر وعاد إلى عربته المذهبة دون أن يقول كلمة
صعد على متنها وانطلقت العربة ببطء
ظل محمد واقفا في مكانه ينظر إلى العربة وهي تبتعد ويشعر بثقل الإتفاق الذي عقده للتو
كان يعلم أن هذا العمل لن يكون عاديا وأن التاجر ليس شخصا يمكن الثقة به بسهوله
لكن في داخله كان هناك شعور بالخوف والفضول في آن واحد
في صباح اليوم التالي استيقظ محمد مبكرا مرة أخرى
لم يكن النوم سهلا عليه تلك الليلة فقد كان يفكر باستمرار في الرحلة المقبلة، وما الذي ينتظره
لم يكن يملك سوى أمل ضعيف بأن هذا التاجر الغني قد تكون فرصته الأخيرة
للخروج من حالة الفقر واليأس التي وجد نفسه فيها
عندما وصل إلى المرفأ وجد سفينة ضخمة واقفة بجانب الرصيف
كانت السفينة ضخمة ومهيبة أخشابها السوداء القاتمة تلمع تحت أشعة الشمس
وأشعتها البيضاء تتطاير مع الرياح وكأنها تنتظر اللحظة المناسبة لتبحر بعيدا على متن السفينة
كان يقف التاجر الغني مرتديا ملابسه الفاخرة المعتادة ولكنه هذه المرة بدا أكثر جدية
نظر التاجر إلى محمد بنظرة باردة ثم أشار له أن يصعد على متن السفينة دون أن يقول كلمة واحدة.
صعد محمد إلى السفينة كان الجو باردا بعض الشيء وبعد لحظات قليلة أصدر التاجر أمره بالإبحار
إنطلقت السفينة ببطء تبتعد عن المرفأ وتشق طريقها عبر البحر المفتوح
مرت الأيام بطيئة وثقيلة كانت السفينة تبحر عبر البحار الشاسعة
دون أن يعرف محمد إلى أين يتوجهون، كل ما كان يراه هو الماء الذي لا نهاية له
والسماء الزرقاء التي تبدو كأنها تحيطهم من كل جانب. كانت الرحلة طويلة وصعبة
ومع مرور الأيام بدأت تظهر على محمد علامات الإرهاق كان يتساءل في كل لحظة
عن الهدف الحقيقي لهذه الرحلة وعن السر الذي يخفيه التاجر الغني
لكن التاجر لم يكن يتحدث كثيرا وكان دائما يجلس وحده على السطح السفينة
ينظر إلى الأفق كما لو كان يخطط لشيء بعيد المدى
على الرغم من أن الرحلة كانت مليئة بالتحديات
إلّا أن البحر كان هادئا في معظم الأوقات
ومع ذلك كانت هناك لحظات من الرياح العاتية والأمواج العالية
التي كانت تجعل السفينة تتأرجح بشدّة مما يزيد من توتر البحّارة
لكن محمد كان يعرف أن الصعاب الحقيقية لم تبدأ بعد
فقد كان البحر رغم كل تحدياته يبدو كأنه جزء من مغامرة أكبر تنتظرهم،
بعد أسابيع من الإبحار بدأ المشهد أمامهم يتغير في الأفق البعيد
بدأت تظهر علامات على وجود جزيرة كانت الجبال الشاهقة ترتفع من الماء
كأبراج عظيمة تبدو وكأنها تحرس شيئا غامضا على الجزيرة
الجبال كانت ذات الأشكال غير معتادة تبدو وكأنها محاطة بهالة من الغموض
كانت الصخور سوداء ولامعة تعكس أشعة الشمس بشكل مخيف
في البداية لم يكن محمد متأكدا ممّا كان يراه،
كانت المسافة كبيرة وكأن الشيء الذي يلمع في الأفق غير واضح
لكنه شعر بأن هذه الجزيرة تحمل شيئا أكثر من مجرد الطبيعة الجبلية
وبينما كانت السفينة تقترب أكثر فأكثر بدا يلاحظ أن ما كان يعتقد أنه نار
بسبب لمعانه القوي، ليس نارا على الإطلاق
سأل محمد وهو ينظر إلى التاجر الغني بفضول ما هذا هل هو حريق!؟
إبتسم التاجر الغني إبتسامة صغيرة تلك الإبتسامة الباردة
التي تحمل معاني كثيرة وقال:
لا ليس حريقا هذا القصر الذهبي
تفاجأ محمد وقال: قصر ذهبي!!
هل يمكن أن يكون ذلك حقيقيا؟
لم يستطع أن يتخيل وجود شيء كهذا في مكان بعيد ومهجور مثل الجزيرة
لكن كلما إقتربت السفينة من الشاطئ بدأت تظهر تفاصيل أكثر وضوحا
كان القصر الضخم يقف شامخا على أحد سفوح الجبال
وكانت جدرانه تلمع كأنها مصنوعة من الذهب الخالص
كان المشهد لا يصدق عندما وصلت السفينة أخيرا إلى الشاطئ
أمر التاجر الغني بالتحضير للنزول كان الشاطئ مهجورا تماما
بلا أي علامة على وجود حياة الصخور السوداء
كانت منتشرة في كل مكان والماء كان يضربها بعنف
ومع ذلك كان هناك هدوء غريب يحيط المكان
هبط التاجر الغني ومحمد معا وبدأوا بالسير نحو القصر الذهبي
الذي كان يبدو أكبر وأضخم كلما اقتربوا منه كان القصر محاطا بحدائق ضخمة
لكن الغريب أن هذه الحدائق لم تكن خضراء كما يتوقع بل كانت نباتاتها باللون المعدني
وكأنها تنتمي إلى عالم آخر بينما كانوا يقتربون من أبواب القصر الضخمة،
فتحت الأبواب ببطء وخرجت إمرأة جميلة ترتدي ثيابا ملكية برفقة فتاة ذات جمال إستثنائي
كانت الفتاة تشع بهاءا من الجمال والرقي لدرجة أن محمد لم يستطع أن يزيح نظره عنها
كانت الفتاة تبدو كأنها جزء من هذا القصر وكأنها ولدت من بين جدرانه الذهبية
قال تاجر الغني: أهلا بك في قصري وأشار إلى المرأة الجميلة قائلا:
هذه زوجتي وابنتي، إنحنى محمد إحتراما لهما وهو لا يزال مذهولا بما يراه،
استقبلوه في القصر بحفاوة جلسوا حول طاولة كبيرة مصنوعة من الخشب الفاخر
وأمامهم أطباق من المأكولات الشهية كان الجو مرحا وتبادلوا الأحاديث والضحكات
حتى أن الفتاة الجميلة إبنه التاجر الغني وقعت في حب محمد منذ اللحظة الأولى
وبدأ وكأنّ الجميع مستمتعون بالوقت
بعد العشاء أشار التاجر الغني إلى محمد قائلا: اليوم سنرتاح
غدا يبدأ العمل الحقيقي شعر محمد بتوتر خفي في كلمات التاجر
لكنه حاول أن يظهر عدم الإكتراث ثم تقاعد الجميع إلى غرفهم
بينما كان محمد يجلس في غرفته الفاخرة حاول أن يستجمع أفكاره،
لكن الهدوء الذي كان يحيط به جعله يشعر بشيء غير مريح
وبينما كان يجلس هناك في غرفته سمع طرقا خفيفا على الباب
فتح الباب ببطء وإذا بالفتاة الجميلة إبنة التاجر تقف أمامه
كانت تحمل في يدها شيئا صغيرا يبدو كقطعتان من الحجر
قالت بصوت هادئ: خذ هذا ستحتاجه غدا!
نظر محمد إلى الحجر في يدها بدهشة وقال: لماذا سأحتاجه،
إبتسمت إبتسامة غامضة وقالت: سترى غدا، فقط إحتفظ به
ثم إستدارت وغادرت تاركة محمد في حالة من الحيرة والتساؤل
مع بزوغ أول خيوط الفجر إستيقظ محمد على صوت طيور البحر التي تحلق حول القصر الذهبي
الهواء كان مشبعا برائحة الأملاح والبحر رغم أن الأمس مر دون أي أحداث مقلقة
إلّا أن إحساس غريبا سيطر على محمد ذلك تحذير الغامض الذي تلقاه من إبنه التاجر
لم يفارق تفكير الحجر الذي أعطته إيّاه، كان موضوعا في جيب ثوبه منذ تلك اللحظة
ولم يكن يعرف سببا وجيها لذلك إلّا أنه شعر بأن هناك شيئا كبيرا على وشك الحدوث
بمجرد أن أنهى فطوره جاء التاجر الغني مرتديا ملابس سوداء فاخرة
...وملامح تحمل مزيجا من الثقة والغموض
أشار إلى محمد أن يتبعه دون أن ينبس بكلمة
صار الإثنان معا عبر ممرات القصر المهيبة حتى وصل إلى باب خشبي كبير يقود إلى خارج القصر
كانت تنتظرهم مجموعة من الخدم وعربة تجرها أربعه خيول سوداء
جلس التاجر في مقدمة العربة وأشار محمد بالركوب إلى جانبه تحركت العربة ببطء في البداية
ثم زادت سرعتها بينما كان يشق طريقهما عبر الطريق الضيق الذي يتجه نحو الجبال الشاهقة
التي رآها محمد من بعيد أثناء الرحلة البحرية وكان الشعور بالخطر يزداد كلما اقتربوا منها
بعد رحلة استغرقت ساعات بدأ في هذه الطريق وكأنه لا ينتهي
وصلوا إلى سفح جبل ضخم الجبل الذهبي كان يبدو وكأنه قطعة عملاقة من المعدن الصلب
المتلألئ تحت ضوء الشمس
الصخور كانت تعكس ضوء الشمس بطريقة غير طبيعية
وكان الجبل مصنوع بالفعل من الذهب الخالص الجمال المذهل للجبل
كان متناقضا تماما مع الشعور الذي غمر قلب محمد الذي بدأ يتساءل عن هدفهم الحقيقي
نزل التاجر الغني من العربة وبدأ يسير نحو الجبل بينما تبعه محمد بحذر.
الأرض حول الجبل كانت قاسية وصخرية وكان الصعود يبدأ يبدو شبه مستحيل
عندما اقتربوا أكثر من الجبل أشار التاجر الغني إلى مكان في الجبل قائلا:
هناك في الأعلى يوجد الذهب الذي نبحث عنه،
لكن قبل أن تبدأ العمل دعنا نشرب بعد العصير المنعش ونروي ضمأنا الناتج عن هذه الرحلة
كانت عينا التاجر تتلألآن بشيء غير طبيعي
بينما قدم لمحمد كأس من العصير، تردد محمد للحظة لكنه تذكر مدى تعبه والجهد الذي ينتظره
أمسك بالكأس وشربه بسرعة لكنه لاحظ شيئا غريبا
طعم الكأس كان مختلفا بعض الشيء عن طعم العصير المعتاد
وفي غضون لحظات بدأت عيناه تثقل وشعر برأسه يدور
حاول أن يقاوم النوم لكن بلا فائدة بعد ثوان قليلة سقط أرضا غارقا في نوم عميق
ابتسم التاجر الغني إبتسامة شيطانية وهو يراقب محمد وهو يسقط مغشيا عليه وقال:
كان هذا أسهل ممّا توقعته بدون أي تردد أعطى التاجر الغني أوامره لرجاله
باحضار حصان ميت كان معدا لهذا الغرض
قاموا بفتح بطن الحصان ووضعوا محمد داخل جثة الحصان ثم أغلقوا الفتحة بعناية
كان هذا هو فخ التاجر، إستخدام جثة الحصان لجذب الغربان السوداء الضخمة
التي تعيش في أعالي الجبل هذه الطيور الضارية ستلتقط الجثة وترفعها إلى قمّة الجبل
حيث كان من المستحيل لأي إنسان أن يصل
لم يمضي وقت طويل حتى بدأت الغربان السوداء تظهر في السماء كبيرة الحجم
ومخيفة المظهر ترفرف بأجنحتها الضخمة حول الجبل
كانت هذه الطيور معروفة بقوتها وعيونها الثاقبة التي تستطيع أن ترى الفريسة من مسافات بعيدة
بمجرد أن رأت الجثة إنقضت على الحصان الميت ورفعت الجثة بمن في داخلها إلى قمة الجبل
عندما استيقظ محمد وجد نفسه في مكان غريب
الهواء كان باردا ورطبا والرؤية كانت مشوشه بسبب الغيوم التي تحيط بالقمه
شعر بجسد يخرج منه شيء لزج وغريب وعندما نظر حوله أدرك ما حدث
كان قد وضع داخل جثة حصان ميت والآن هو عالق على قمّة الجبل
بدأ الشعور بالخوف يسيطر عليه ثم وهو ينظر حوله محاولا إستيعاب الموقف كيف وصلت إلى هنا!؟
المصدر:هنا
يتبع.............................................................