';function Lazy(){if(LazyAdsense){LazyAdsense = false;var Adsensecode = document.createElement('script');Adsensecode.src = AdsenseUrl;Adsensecode.async = true;Adsensecode.crossOrigin = 'anonymous';document.head.appendChild(Adsensecode)}}

قصة محكمة سمرقند العجيبة الجزء 1

قصة محكمة سمرقند العجيبة الجزء 1

قصة محكمة سمرقند العجيبة الجزء 1

 محكمة سمرقند العجيبة

محكمة سمر قند وقصة الكهنة مع الخليفة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز روائع قصص التاريخ
 روائع القصص، هذه القصص التي تهدف إلى إحياء بعض المعاني التي ماتت عند الناس اليوم
وتدفع الأمل وتُعلّم الناس كيف أن التاريخ يعيد نفسه ونتعلم منها مبادئ لصناعة الحضارة من جديد

وقصتنا اليوم قصة بعنوان محكمة سمرقند العجيبة
هذه القصّة التي أخذتها من أحد كتب أساتذتنا
الكبير العالم الجليل الأديب العظيم الشيخ الحبيب علي الطنطاوي رحمه الله تعالى
لكني أعيد صياغتها وتعديل بعض أسلوبه بأسلوبي و إلقائي

 القصة العجيبة ومحكمة سمرقند العجيبة في ليلة كما يسميها الشيخ ميتة
ليس في صدرها نفس من نسيم ولا ريح ليس فيها حياة
أهل سمرقند هذه المدينة التي في المشرق ضمن جمهوريات الإتحاد السوفياتي سابقا
في تلك المنطقة نام الناس وأوى كل حي كما يقولون إلى مضجعه ونامت المدينة في صمت وظلام
ولم يبقَ متيقظا إلّا هذا الرجل الذي خرج من داره في جوف الليل ذاهبا إلى هدف
ومر هذا الرجل على قصر الأمارة مكان الحكم فلم يقف عنده بل ألقى عليه نظرة
لو كانت النظرات تحرق لأحرقت هذه النظرة هذا القصر كله
من شدّة كراهيته لما يفعل هذا القصر ولمن في هذا القصر،

ثم أسرع الخطى كأنه يريد أن يتجنب رؤية هذا القصر وأسرع يسابق الزمان نحو هدفه الذي يريده
ويرمي إليه وخرج خارج المدينة قرب المدينة هناك غابة فدخل داخل الغابة
وبدأت أصوات الحيوانات والحشرات التي في الغابة تملأ الأذنين
ودخل في ظلمة الليل وظلمة الغابة ولكنه دخل بكل شجاعة
ولم ينتبه إلى الظلام وإلى الوحشة التي هو فيها
لكن لأنه في مهمة عظيمة وفي هدف كبير مطلوب من جهة خطيرة
هذه الجهة التي طلبتهم يعرف أنها من أخطر الجهات ومن أهم الجهات

ولا يعرف ماذا يريدون ولماذا إختاروه بالذات وصار وحيدا في الغابة
والخوف من أن تنشق هذه الغابة عن شيء يؤذي أو حيوان يفترس
يمكن أن يحرك كل إنسان إلّا صاحبنا هذا فكان في منتهى الشجاعة
ويبدو أنهم إختاروه لشجاعته التي عُرف بها
حتى وصل إلى معبد عجيب في داخل هذه الغابة وأمام هذا المعبد صخرة؛
فوقف وخالطته هيبة وهنا دخل في قلبه الخوف هولا يخاف الناس ولا يخاف الأبطال
ولم يخشَ الغابة ولا ما فيها من وحوش لكن هذا المعبد الذي كان سرا من أسرار الناس
يرونه من خارجه ولا يعرفون ما في داخله 

ويربّى الأطفال من صغر عمرهم يُربون على أن هذا المعبد مقدّس
وأن فيه من العجائب وفيه من الأسرار ولا يدخله إلا الكهنة العظماء
وحتى يصبح الكاهن من هؤلاء لابد أن يتعلم على أيديهم سنين طويلة
ثم إذا وثقوا به أدخلوه المعبد ولا يدخل المعبد غير هؤلاء الكهنة
وفي هذا المعبد توجد الآلهة التي تحكم الأرض وتدير شؤون الناس
والكهنة يخبرون الناس بأوامر هذه الآلهة،

وقف هذا البطل الذي كان معروفا بفروسيته وبطولته كان أشهر أبطال سمرقند
كان يسمى فارس البلد لكن فارس البلد في المعارك،
أما معبد وآلهة تستطيع أن تدير الأرض وتحرك البشر ماذا يستطيع إنسان أن يفعل أمامها!؟
هناك قوة خفيّة هكذا علموه هكذا زرعوا بنفسه هذه المعاني من الشرك بالله عز وجل
أنه في داخل المعبد قوة لا يراها وخفايا لا يستطيع أي شجاع أن يقف أمامها
لأنها ليست من أمر البشر بل هي من أمر الآلهة هو لم يدخل هذا المعبد قط في حياته
ولا يدخله إلّا هؤلاء الكهنة الذين أُهِّلوا ودُربوا ليكونوا من مستوى الإيمان والعبادة
ما يستطيعون أن يكلموا به الآلهة وينقلوا أوامر الآلهة للناس

وإذا دخل الكهنة في هذا المعبد لا يخرجون منه أبدا فلا يرون نور شمس ولا زهر روض
وإنما يقفون على باب المعبد فيكلمون الناس بأوامر الآلهة فينفذها الناس
فوقف متردد كيف سيقرع الصخرة وهذا سيحدث ولم يكلم كاهنا من قبل
هو فارس لكنه ليس من أعيان البلد وفارس أعيان البلد ووزراء البلد وعظماء البلد وحكام البلد آخرين،
فوقف متردد أمام هذه الصخرة قبل أن يطرق وأخذ ينظر في الظلام
فشعر فجأة كان هناك شخص عظيم طويل له لحية كبيرة بيضاء عريضة قد خرج من بطن الأرض
فوقف أمامه ففزع وارتاع وبدأ يرتجف ثم انتبه أن الذي ليس جنا من الجن أو مخلوقا من المخلوقات العجيبة
وإنما فجأة حارس هذا المكان الكاهن حارس الكهنة المُوكّل بحفظ باب المعبد
قد خرج ووقف أمامه فناداه باسمه هل أنت فلان!؟

 قال: نعم
 فقال: اتبعني
فمشى الفارس خلف حارس المعبد يقول فصرت وراءه وقلبي يخفق
أول مرة أدخل المعبد لأني صغير رُبِيّ على أنه مكان الآلهة والأسرار وكنت أتطلع ماذا سأرى؟
يقول فدخلنا ونزلنا تحت الأرض ثم مشينا في طريق طويل ملتوي
في هذا السرداب فيه مصابيح نحاسية عليها نقوش غريبة يخرج منها لهيب أزرق
يتحرك فيلقي ظل عجيب على الجدران وفي السراديب تماثيل هي الآلهة
لكن صورها بشعة مُرعبة أشكالها مخيفة لها عدّة أيدي عدة قرون
ومن عينيها يضيء ضوء أحمر من الياقوت ومن مرجان ومن غيره

فمنظرها يخلع القلب حتى أنا بجبروتي وفروسيتي بدأت أرتجف في داخل هذه السراديب
شقوق يدخل منها الهواء حتى يعيشون كيف يأتيهم الهواء! فيأتي من هذه الشقوق
فمع دخوله إذا اشتدّ الهواء يصدر منه صوت صفير حاد مخيف كأنه صوت البُوم
من الطيور المخيفة ثم سِرت وراء الحارس في هذا السرداب العجيب
حتى دخلنا في غرفة محفورة في الصخرة ثم من هذه الغرفة إلى غرفة أخرى
فمن الغرفة الأخرى كل هذا تحت الأرض إلى غرفة أخرى حتى وصلنا إلى باب قاعة الكهنة

فقال: هذا باب قاعة الكهنة الذين لا يراهم أحد ولا يخرجون من المعبد
ونادر أن يسمحوا لأحد أن يدخل عليهم إلّا ليعطوه الأوامر التي يوجهونها لأهل سمرقند
وسمرقند جميعها ليست فقط المدينة المملكة جميعها تحت أمرهم فإنهم حكام الحقيقيين للبلد
هم الملوك الحقيقيين هم أصحاب الكلمة ولا يجرؤ ملك ولا حاكم ولا والي أن يخالف أمرهم
ومن خالف أمرهم أنزلوا عليه لعنة الآلهة هذه الآلهة التي رآها قبل قليل بوجوه بشعة المخيفة المرعبة
تحرك الحارس وقال له أدخل ما استطاع هذا الرجل صاحبنا الفارس أن ينظر حواليه من شدّة الدهشة التي هو فيها
ودخل وإذ بالكهنة أمامهم فما استطاع أن يملأ عينه منهم
فأنزل رأسه من شدّة الإحترام وشدّة الخوف وإذ بالكاهن الكبير يناديه باسمه 

فرفع رأسه كأنه في حلم وإذ بالكاهن الكبير يقول:
هل تذكر ماضي سمرقند!؟ هل تذكر أمجاد سمرقند
وبدأ يحدثه عن الحضارة التي بناها أهل سمرقند وكيف كانوا ملوك ليس فقط سمرقند
وإنما كل البلاد التي حولها وكيف صنعوا الحضارة والمجد كما يقول
وكيف كانوا هم سادة الدنيا في هذه المناطق في آسيا
ثم انتقل بالحديث إلى الوقت الحالي قال هذا المجد كيف ضاع على يدي هؤلاء المسلمين
الذين هبطوا علينا كالمرض والبلاء وسيطروا على بلادنا بهجوم سريع لم يستطع أحد أن يقف أمامهم

حطموا جيشنا أزاحوا ملوكنا أخذوا عروشنا حكموا بلادنا ملّكوا أمرنا
ثم أفاض في الكلام على فساد المسلمين وعلى إختلاط أخلاقهم ودينهم يقول:
أنا لا أعرف هذا عنهم يعني نحن لم نرَ منهم إلّا الخير لكن هذا الكاهن أعلم
وكيف أنهم يظهرون في البداية العدل والإحسان ثم لمّا سيطروا سيطر كاملة
سيطر المسلمين على سمرقند ما مضى لها عدّة أشهر فترة بسيطة جدا
يقول هم ناويين بعد هذا أن يحطمونا ويضعفونا..
ثم بعد ذلك إذا استسلمنا لهم استسلاما كاملا سيفسدوا أخلاقنا
ويأخذوا بناتنا ويأخذوا أموالنا ويمنعونا من كل حقوقنا.

فارتجفت ونحن نستطيع أن نفعل بهم العكس نستطيع أن نفسد أخلاقهم ونفسد دينهم
ونجعلهم يعيشون في الترف وهذه الطريقة نجعلهم يلينون ويضعفون
وعندها نستطيع أن نسيطر عليهم فتعجبت من خطة المسلمين وتعجبت من خطته
ثم عاد الكاهن الكبير يقول: غير أننا كهنة الآلة رأينا أن نؤجل خطتنا
ولا ننتظر خطتهم عندنا فرصة أخيرة، سمعنا أن هؤلاء المسلمين لهم ملك عادل
يقيم في مكان بعيد يسمى دمشق طبعا هذه الأحداث في أيام الدولة الأموية 

يقول فأردنا أن نشتكي إليه حتى ينصفنا من هؤلاء الذين فتحوا سمر قند
ورأينا أن نرسل إليه رسولا يرفع شكوتنا إليه ويشرح له الظلم الذي وقع علينا
ثم نرى إذا كان فعلا عادلا كما يقولون سينصفنا وإن كان ظالما فسنمشي في خطتنا
هذا ليس آخر المطاف واخترناك أنت لسببين السبب الأول لِما أنت معروف به من قوتك وجرأتك وشجاعتك

الطريق طويل ويحتاج إلى إنسان صلب حتى يصل
والسبب الثاني سمعنا أنك تعلمت اللغة العربية أساساتها من تجارتهم
وممن اختلطت بهم من العرب هل هذا صحيح؟
قال: نعم، أنا أعرف كيف أمشي حالي في اللغة العربية
قالوا هل أنت راضٍ عن هذه المهمة؟
وأن تكون رسول سمرقند إلى ملك العرب والمسلمين في دمشق؟
فشرحوا له المهمة وقالوا إمضِ بتوفيق الآلهة،

طبعا حاشا لله سبحانه وتعالى أن يكون له شريك لكن هذا كانوا يشركون بالله
خرج هذا الفارس البطل العظيم وهو فخور ما تسعه الأرض نشيط،
الكهنة يثقون به ومصير سمرقند صار في مسؤوليته فشعر أنه صار له شأنا أكثر ممّا توقع
وخرج وتغيرت الدنيا من الظلام إلى النور بالنسبة إليه وعدّها نعمة كبيرة
أن دخل المعبد وكلّم الكهنة ورأى الآلهة وأعطوه شرف القيام بأضخم مهمة، حرية بلد كامل
حرية وشرف سمرقند في يمينه وفي يده 

أخذ يقطع الليالي الطوال وهو في مسيرة طبعا يضطر للإرتياح في الطريق والتّزود
طبعا زودوه بالمال وزودوه بدابة نشيطة فتحرك ومرت الأسابيع بل الأشهر وهو يمشي ليلا ونهارا
يحاول أن يصل إلى دمشق ما تخيل حجم هذه البلاد إلى أين وصلت
وتحرك من عاصمة سمرقند إلى بخارى إلى بلخ إلى كرات في أفغانستان إلى قزوين إلى الموصل في العراق
إلى حلب ثم وصل إلى دمشق والآن هو سيقابل الحاكم الذي هزم كسرى وقيصر أعظم دول العالم
وسيطر على ملك خاقان وبدأ يهدد ملك الصين وزاد إعجابه بهذا الحاكم وعظمة المسلمين
ما رآه من بلاد مرّ عليها في الطريق كل بلد أعظم من الأخرى،

طبعا ما كان يتوقف ليحتك بالناس حتى يعرف أخلاقهم كان هدفه دمشق
لأن هذه الحادثة في زمان الدولة الأموية فوصل إلى دمشق
بدأ يفكر هذا الحاكم من هنا يحكم كل هذه البلاد
من هنا هذا الرجل الذي له ملك لم يملكه في سالف الدهر قيصر ولا كسرى ولا الإسكندر ولا خاقان
تخيلوا مع واحد ملك قوي عظيم يعني ترى له هيبة
تخيلوا لما سيلتقي مع ملك كلمته تتحرك من جبال الصين إلى بحر الظلمات المحيط الأطلسي
ولا يجد في كل هذه الأراضي من يجرؤ على مخالفة أمره

الآن بدأ التفكير فارسنا هذا يتغير قال: الآن أنا وصلت دمشق لكن كيف سأدخل على هذا الخليفة؟
كيف سأدخل على هذا الملك العظيم!
ومن أنا وأنا غريب منكَر لا أمثل دولة ولا أمثل سلطان وأرسلني مجموعة من الكهنة
الآن سيطر عليهم المسلمون فبدأ اليأس يدب إلى نفسه وبدأ يفكر كيف سيدخل على الخليفة
فلم يجد حيلة، فلما دخل دمشق ما في طريقة يصل إلى الخليفة فسأل عن خان
الخان يعني الفندق فنادق صغيرة في ذاك الوقت تسمى خان

فأرشدوه إلى خان قضى فيه ليلته لما وصار الصبح أخذ أفضل ثيابه ورتبها ولبسها
وخرج ليلقى الخليفة لمّا التقى مع أول واحد من المسلمين يريد أن يسأله عن قصر الخليفة
فأخذته الهيبة وخاف أنه سيواجه رجل يحكم نصف الأرض
وأخذ وهو يفكر يسير بين الطرقات على غير هدى وفي طريقه يمر على قصور دمشق
كلما رأى قصر ظنه قصر الخليفة من عظمته وبهائه وجماله فيهتز قلبه
ثم ينظر فإذا قصر أعظم منه أمامه فيقترب منه وإذ هو فعلا أعظم وأكبر
فيقول هذا قصر الخليفة فينظر وإذا في قصر أعظم منه 

فمازال  يتحرك بين القصور في دمشق
حتى وصل إلى قصر عظيم ضخم جدا جدا له باب له باب هائل كبير
أرض الباب مثل شارع كبير وله قوس وله نقوش وأسطوانات من المرمر الصافي
في مدخله وتعجب من مشهد عجيب جدا، الناس يدخلون ويخرجون
وليس على الباب بواب ولا حاجب ولا أحد يسألهم إلى أين يدخلون
فتأكد أن هذا قصر الخليفة وأن هذا الخليفة الذي سمع عن عدله هكذا يدخل عليه الناس

فتشجع وشدّ من عزمه ودخل ثم خاف لعل في الداخل في شيء ثاني
لعله هو فقط المسلمين مسموح لهم وهو غير مسموح له
فتردد ثم تشجع ودخل من البوابة فإذا هو بصحن واسع كبير لا يكاد يتبين شكل الإنسان في طرفه الآخر
وأرضه مرصّعة بناصع الرخام يلمع كالمرآة والناس جالسين على الأرض متجمعين هنا وهناك
وحوله جدران عالية لم يرَ في بناء أي قصر أرفع منها ومزخرفة بأعجب الزخارف والنقوش
ثم وجد مظهرا عجيبا في وسط هذا الصحن بركة واسعة يصب منها الماء

وإذا سقط عليها شعاع الشمس يكون لها منظر عجيب
والناس يتلقفون هذا الماء ويغسلون أنفسهم منه ثم تقدم أكثر فوجد أن وراء الصحن قاعة
قال: آآه هذا الناس هنا يتجملون أمام الخليفة فاقترب وإذ أبواب مفتوحة
لا تقل هذه القاعة حجما عن حجم الصحن وليست أقل منه جمالا بل هي أبهى وأجمل
وسقف هذه القاعة على عواميد من الرخام وعليها أقواس وفوقها قبّة عظيمة تعجب !!ماذا!!

ثم وجد في السقف سلاسل من فضة فيها مصابيح وثريات فبدأ يدور ينظر في هذا القصر رافع رأسه
ينظر في الزخارف وفي الثريات بينما هو كذلك اصطدم برجل كان ساجدا على الأرض،
فاعتذر ورجع فلم يكلمه هذا الرجل وإذ بهذا الرجل يقوم ويقعد يقوم و يقعد ويتمتم بكلمات
فانتبه بلغته العربية التي يعرفها فإذا هو يذكر الله، الله أكبر الحمد لله يقرأ كلام عجيب
ثم جلس وظل يحمد الله عز وجل ويصلي ثم التفت يمنى ويسرى فسلم

فسلم عليه فتعجب هذا الرجل قال: لعلك غريب
قال: نعم
قال: من أين جئت فقال جئت من سمرقند للقاء الخليفة ثم خاف
الرجل سيرتاع لذكر الخليفة سيدفعه إلى شرطي أو شيء
فإذا الرجل ساكن فهدأ يعني أكيد هذا يعرف الخليفة وأكيد سيوصلني
ارتاح فقال له الرجل: هل تحب أن أدلك على دار الخليفة
أليست هذه دار الخليفة أليس هذا قصر الخليفة!؟
 فتبسم الرجل وضحك قال لي: يا رجل هذا مسجد هذا بيت الله هل صليت!
 ما معنى صليت
قال: ألم ترَ المسلمين يتعبدون
هذه هي عبادتكم تسمونها الصلاة
 قال: نعم
قال: ألست على الإسلام
قال: لا

بدأ الرجل يشرح له الإسلام وهو يقارن بالمعبد المملوء بالأسرار وبالآلهة المخيفة ذات الوجود البشعة المرعبة
أنا أذكر لمّا رحت إلى تلك المناطق من آسيا دخلت إلى أحد المعابد هذه فيه أكثر من 200 سنة يعبدونها
كل صنم من شكله يختلف عن الآخر وكل صنم من شكله يخوف أكثر من الآخر وهذه آلهتهم
فبدأ يتذكر هذه الآلهة المخيفة وبدأ يقارن هذا المسجد بذاك المخبأ في وسط الغابة
بدأ يشرح له الإسلام وبدأ يذكر له كيف أن الإسلام يعني دين عظيم ودين سماحة

وبدأ يذكر له المبادئ الإسلام العظيم معنى التوحيد معنى الله سبحانه وتعالى
كيف أن المسلمين لا يعبدون أصناما صنعوها بأيديهم
وبدأ يتذكر كيف هؤلاء الكهنة كانوا مخبئين في وسط الغابة
بينما هؤلاء يعبدون الله بلا حاجب ولا بواب ثم بدأ يذكر له إلى ما يدعو هذا الدين
وإذ يدعو إلى ماذا إلى الأخلاق وإلى توحيد الله وإلى عدم خضوع البشر للبشر
سأله العالم قال ما دينك!؟
قال: ديني دين كهنة سمر قند
قال ما دينهم!؟

قال: لا أدري يأمرونا فنطيع
قال: من ربك!؟
قال: ربي آلة المعبد المرعبة
قال: هذه الآلهة لو سألتها تعطيك
قال: إذا مرضت وناديتها تجيبك تشفيك!؟
قال: لا أدري
فوجد الرجل العالم أمامه إنسان بطلا فارس شكله قوي لكن عقله خالي بعض الناس
هكذا فقد التقليد لآبائهم وأهلهم هذا دينهم لم يفكر يوما ما هو الحق وكيف يصل إليه

 فبدأ يشرح له في ساعة واحدة أمر الدين والرجل يقارن فشعر أنه أمام دين عظيم
ففي ساعة لعقله وذكائه أسلم فارس سمرقند أسلم ففرح به هذا الرجل العظيم
هذا العالم الذي دعاه الآن رسول سمر قند الذي جاء بمهمة لرفع شكوى ضد المسلمين
أسلم صار رسول سمرقند مؤمنا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم
الذي جعل العرب سادة الدنيا كانوا من قبل في ظلال مبين كما كان أهل سمرقند في ضلال مبين
فالآن بدأ يقارن قومنا كانوا الآن مثل ما كان العرب كيف غيّرهم الإسلام
ثم شعر هذا الرجل رغم أنه أسلم إن هو أرسل بمهمة ورفع الظُلم أمر مهم تذكر المهمة وقال:
حتى لو أسلمت يجب أن أكمل في المهمة التي جئت من أجلها أن أرفع الظُلم عن قومي
فسأل الرجل الذي علمه الإسلام دلني على قصر الخليفة!؟

 فقال الرجل له!؟ تعالى أدلك على دار الخليفة وإن كان هذا الوقت بعد الظهر
هذا الوقت ينفرد به بنفسه وعياله يعني هو أعطانا فترة الصباح
وفترة من العصر إلى الليل بعد العشاء فينفرد في آخر الليل
وينفرد في وقت الظهر فقط ليعالج شؤون نفسه وشؤون أهله
لكن أنت جئت من كل هذه البلاد ما أظنه يردك يقول:

\فتعجت من جمال الدين ثم تعجبت من أن هذا يثق أن الخليفة العظيم
هذا الذي يدير كل الدنيا لن يردني في ساعة متفرغ فيها لأهله
وقارنت بين إمكانية الدخول على الخليفة يهز الدنيا بالمقارنة مع الدخول على كهنة في غابة
يتحكمون في شؤون أهل سمرقند أين هذا الدين الواضح العظيم
الذي يجعل كل واحد من أتباعه رجل دين عالم يعرف ويدعو إلى الدين
من تلك الديانة المجهولة الخفية التي يتعبد فيها أهل سمرقند

وبدأ وهو في هذه الأفكار يمشي وراء الرجل الذي علمه الإسلام
فخرج به هذا الرجل من المسجد من باب غير الباب الذي دخل منه مسافة بسيطة
ثم أشار الرجل إلى باب من لوح خشب غير مصبوغ ولا منقوش ودار صغيرة قديمة
ليس فيها أي زخارف ولا عليها أي حراسة واضحة أشار الرجل فقال: هذه دار الخليفة
فضحك السمرقندي قال: هذه دار الخليفة!؟
الآن تضحك علي..!! أنا قبل أن أمر على المسجد مررت على قصور متتالية
رأيت فيها البهاء والجلال والجمال والحسن والعظمة والفخامة والنقوش
كيف تستهزئ بي وتضحك بي؟
..فتركني ومضى 

 فتقدمت نحو الدار وإذ برجل كبير في السن بيده طين يصلح به جدار المنزل
جدار المنزل مشقق وهو يصلحه ليس بالحجارة بالطين ليصلح به جدار المنزل
وإذ بإمرأة جالسة في صحن الدار تعجن والباب مفتوح
فضحكت.. لعب بي هذا الرجل فتركت الدار ولحقت بصاحبي الذي علمني الإسلام
فقلت له علمني علمتني الإسلام وتكذب أليس عيبا عليك أن تسخر بي وتكذب علي؟
أسالك عن دار الخليفة فترشدني إلى دار رجل يعمل بالطين طيّان فقال الرجل:
رأيت رجلا خرج من داخل الدار فتح الباب بيده إناء فيه طين بدأ يصلح الباب ويصلح الباب
ورأيت إمرأة جالسة تعجن هذه دار خليفتكم تضحك علي 

فضحك الرجل قال يا رجل والله ما ضحكت عليك ولا استهزأت بك هذا والله أمير المؤمنين
الذي يحكم الدنيا ليس فوقه أحد إلّا الله وهذه المرأة ألا تدري من هي؟!
هذه زوجة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز
هذه فاطمة بنت عبد الملك الخليفة من قبل وأخت الوليد بن عبد الملك الخليفة وأخت سليمان الخليفة
هذه أمجد إمرأة في العرب سبعة من محارمها صاروا خلفاء
فتعجب تعجن الخبز!؟  أليس معها خدم هذه الزوجة خليفتكم
قال: نعم خليفتنا هذا ليس كباقي الناس هذا من نسل عمر بن الخطاب هل تعرف من عمر!؟
قال: خليفتنا الثاني بعد رسول الله أخذ نفسه بالشدّة وزهد في الدنيا وعدل بين الناس

عمر بن عبد العزيز من أحفاد عمر بن الخطاب من جهة أمه
فصار عمر بن عبد العزيز على نهج عمر بن الخطاب فإن كنت جئت من سمرقند للقاء الخليفة
فاذهب إليه واشتكي إليه ولا تخف يا رجل والله ما هو بالملك المتكبر ولا الحاكم الجبّار
بل هو عبد لله متواضع هين لين إذا رأى الحق أمضاه ولا يقف أمامه شيء
وإذا غضب لله كانت العواصف والصواعق دون غضبه فلا تخشى من الحديث معه فهو يسمع لكل الناس

 يقول: أنا بُهِتُ سمعت بغرائب الدنيا وعجائبها لكن بمثل هذا لم أسمع
معقول يكون هذا الذي يشتغل بالطين بيده وليس عليه حراسة الذي يدير نصف الأرض
وزوجته التي هي بنت الخلفاء وزوجة خليفة تعجن بالطحين والعجين بيدها
يقول فتركني الرجل وتأكّد لمّا بدأ يفكر معقول لا يمكن
تأكد أن هذا الرجل الذي أسلم على يديه يضحك عليه ويسخر به
فرجع مرة أخرى إلى الرجل وأمسك قال يا رجل لا تسخر بي لا تضحك علي

أسالك بالله هل هذه الدار دار أميركم أمير المؤمنين جميعا في الأرض
فقال: والله الذي لا إله إلا هو هي دار أمير المؤمنين هذه دار الرجل الذي جئت إليه
وجيء إليه بثمرات الأرض هذا الرجل الذي يفيض الذهب كيلا يعطيه للفقراء بدون حساب
من كثرة المال الذي بين يديه هذا الرجل الذي أعطى للفقراء الجواهر وقسم بين المحتاجين الدرر
وبقي هو وأسرته بغير شيء
قال: لماذا يفعل هذا!؟
قال لأن نفسه أكبر من الدنيا من ذهبها وجوهرها

هذا الرجل لمّا تأمل عظمة الجنة احتقر الدنيا و مناعمها
أمام جنة الخلد ونعيمي الله المقيم زهد في الدنيا وهو بيده الدنيا
وهذا أعظم زهد، الزهد الحقيقي ليس إنسان فقط فقير ليس عنده شيء يقول:أنا زاهد..
الزاهد الحقيقي أن تكون الدنيا في يدك ولا تدخل قلبك فتزهد فيها وتعطيها للناس ولا تفكر فيها
هذا هو الزاهد الحقيقي زاهد لكن في رأس عقل الحكيم وفي صدره قلب بطل مجاهد
وفي لسانه علم وأدب فيدير الدنيا بعقله وبحكمته وبقضائه

وعنده أبطال حكماء يساعدونه في القضاء والمال والداخلية والخارجية والسلم والحرب
هو القائد وهو المفتي وهو المعلم وهو المربي هذا هو عمرو بن عبد العزيز لما حكم بالعدل.
 الأمن سنتين كان حكم عمر بن عبد العزيز سنتين وأربع أشهر فقط سبحان الله
ساد في زمانه الأمن إلّا من الثروات التي ثارت على بني أميه من الخوارج وغيرهم هدأت في زمانه لعدله
تصافى في زمانه المصري واليماني والأسود والأحمر
 بالعدل يتم الأمن هذا هو عمر بن عبد العزيز

المصدر:هنا

                                         يتبع الجزء الثاني...

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-