![]() |
قصة محكمة سمر قند العجيبة الجزء 2قبل الإطلاع على هذا الجزء الشيّق وتكملة القصة لابد من قراءة الجزء الأول من 👈هنا👉 |
عمر بن عبد العزيز هذا الذي عندما بُويع بالخلافة مُكرهًا ما كان يدري أنه سيصير خليفة
فسمّاه الخليفة من قبله قال هو الخليفة من بعده
سليمان بن عبد الملك كتب وصية سرية وسلمها إلى وزيره رجاء بن حيوة
وكان الناس يتوقعون أنه سيُسلم الحكم لابنه
لمّا مات سليمان وقف رجاء بن حيوة الوزير العالم على المنبر قال:
تبايعون للخليفة الذي سمّاه سليمان قالوا نبايع فالتفت إلى الجميع بما فيهم بني أمية
قال: تبايعون لمن سماه سليمان!؟
قالوا: نبايع.. الكل سلّم يظنون أنها ستكون لابن الخليفة
فإن سليمان سبحان الله قال قولا عجيب قال: لأمرن بأمر ليس للشيطان فيه نصيب
إختار أفضل بني أمية، أعبدهم وأعلمهم وأحكمهم عمر بن عبد العزيز فقال: الخلافة له
فقام الناس حتى أبناء سليمان فبايعوه على الخلافة
فلما انتهت البيعة جاءوا له بمراكب الخلافة الخيول المزخرفة والبغال المحمّلة
بأنواع السروج الذهبية والمرصعة بالجواهر فقال: مالي ولهذا أبعدها عني
قربوا لي بغلتي فركبها ثم أمر بكل هذا الموكب الذي جاء للخليفة أن يباع وثمنه يدخل البيت مال المسلمين
فركب بغلته جاءه صاحب الشرطة رئيس الشرطة ومعه الحربة يريد أن يحرسه
قال: ابتعد عني مالي ومالك
قال: أحميك يا أمير المؤمنين قال إنما أنا رجل من المسلمين وحياتي بيد الله
ورفض أي حراسة ومشى بين الناس راكبا على بغلته بلا موكب ولا حربة ولا راية ولا طبل
هذا الرجل الذي يحكم الأندلس ومراكش المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر والحجاز
ونجد واليمن وسوريا وفلسطين والاردن ولبنان والعراق
وفارس وأرمينيا والأبغان وبخارى وسند وسمرقند وبدأ يسمي له
كل هذا يحكمها مشى ومشى الناس بين يديه حتى دخل المنبر فقام على منبر فقال:
"أيها الناس إني ابتليت بأمر الخلافة من غير رأي كان مني، ما حد شاورني
ولا طلب ما طلبته ولا مشورة من المسلمين، حكم المسلمين لازم شورة بينهما
لا يصير يعني صحيح سليمان بن عبد الملك اختار أفضل الناس لكن الخلافة ليست بهذه الطريقة
الخلافة بالشورى وأمرهم شورى بينهم فأمري وحكمي تم بغير شورى
فحكمؤ باطل وخلعت بيعتي من أعناقكم فاختاروا لأنفسكم
فصاح الناس جميعا صيحة واحدة والله لا نرضى غيرك
هذا عمر بن عبد العزيز صار إلى منطقة الخضراء، الخضراء قصر لبني أميّة يسمونه جنة الأرض
جمعوا فيه أنواع الطرائف والكنوز والعجائب القصور كسرة وقيصر والإيوء وغمدان وخورنق والصدير
كلها تقل عنه شأنا فأمر بالستائر الذهبية أن تنزل وتباع والبُسط والسجاد أن يباع بالكنوز
أن تباع ويدخل ذلك كله في بيت مال المسلمين فعرف الناس أنه رجل صالح
وأنه للملك أهلا في ذلك اليوم رفع صوته بين الناس من كانت له مظلمة فليرفعها بدون واسطة
ما يحتاج واسطة يصل إليه مباشرة فإني منصفه من الناس ومن أهل بيتي ومن نفسي
حتى لو من نفسي حتى لو الناس من الأسرة الحاكمة سأنصفه هذا هو العدل الحقيقي
السمر قندي قال: فعل هذا!؟؟ قال: والله قد فعل أكثر من هذا نعم أيها الغريب
هذه دار أمير المؤمنين لا تنغر أي أنها صغيرة وضيقة وليس عليها زخارف
وجدرانها معطلة وخربانة تطين وليس عليها حاجب ولا حراسة
هذه الدار أكرم من كل قصور على ظهر الأرض هذه الدار دار عدل فاذهب إليها ولا تخف
السمرقندي يسمع كلام هو سمع بالملوك وعظمتهم لكن شيئا مثل هذا لم يسمع به من قبل
فللمرة الثالثة الان يرجع السمرقندي إلى الدار
فلمّا اقترب من الدار وإذ بضجه عند باب الدار وإذ بولدين صغيرين أحدهما ضرب الآخر على رأسه
فشج رأسه منكرة بمعني شق رأسه وسال الدم على وجهه وإذ بالخليفة ترك الطين وتحرك نحو الولدين
يأخذهما فاقترب السمر قندي وقال بلغة عربية مكسرة أني متظلم يا أمير المؤمنين
بمعنى عندي شكوى فقال له الخليفة عمر بن عبد العزيز مكانك حتى أعود إليك
الولد ينزل منه الدم يريد حل المشكلة فدخل بالغلامين وإذ المرأة التي تعجن
زوجة الخليفة العظيم تصرخ ابني وتأخذ الولد الذي شق رأسه ويصب منه الدم
فعرف أن الولد الذي جُرح ابن الخليفة وإذ بإمرأة مسكينة فقيرة تدخل فتقول ابني
وتأخذ الولد الآخر فقال: مسكينة الآن سيقتلون ولدها أمام عينها
ضرب ابن الخليفة وسال دمه الآن أمام عينه المشهد فاطمة بنت عبد الملك غضبت
تعرفون سبحان الله قلب الأم في لحظتها قالت: ابنك شج رأس ابني أنظر الدم..
عاقبه يا أمير المؤمنين فخافت المرأة، شاهد أمير المؤمنين فخافت المرأة
الآن السمرقندي يشاهد المنظر امير المؤمنين قال كلمة عجيبة عندما رأى المرأة ترجف خائفة
ابنها ضرب ابن أمير المؤمنين فقال: هل لابنك عطاء هذا سمرقندي يسأل ما عطاءه!؟
قال مكافاة توزعها الدولة على الناس عندما يصل إلى يصل المواطن إلى سن معين
فالمرأة قالت للخليفة ماذا !؟
هل لابنك عطاء!؟
هل يوجد مكافأة شهرية أو سنوية تصرف له من الدولة قالت: لا
فقال: أكتبوه في الذرية سجلوه مع الذين لهم عطاء وقال: أخرجي فخرجت المرأة
لم يعاقَب ابنها الذي ضرب إبن الخليفة وهو يستحق العقاب
فخرجت وهي تشكر أمير المؤمنين وتدعو الله له ولابنه
السمر قندي الآن يشاهد المشهد فاطمة بنت عبد الملك بدأت تهاجم الخليفة قالت:
يا عمر ألم ترى ما فعل بابني تكافئ بعد ما فعل بابني
تريد أن يضرب ابني مرة أخرى لماذا كافأته على الأقل أتركه بدون أن تكافئه ...
فعلا أمر عجيب من الخليفة وتسجله في العطاء من بين الأطفال فقال الخليفة:
إنكم أفزعتموه، خوفتوا الولد وخوفتم أمه مقابل هذا الخوف
حتى لا ينتشر بين الناس لا يوجد خوف أردت أن أذهب عنهم الخوف وينتشر الأمر بين الناس
لا يوجد خوف لا من الخليفة ولا من غيره لو أنك يا فاطمة ما صرختي لكنت حكمت بينهم بهدوء
لكن أخذتم الولد وأخفتم أمه لابد أن أفعل هذا..!!
السمر قندي واقف معقولة!! ابن الخليفة يضرب ويصب دمه والضارب يكافئ لأنه أُخيف
من يفعل هذا في الدنيا، فوفق السمر قندي مسمر في مكانه
فخرج عمر بن عبد العزيز ما نسى جاء إليه قال له: أنت صاحب المظلمة عندك شكوى!؟
قال: نعم
قال: ما شكواك على من تشتكي!؟
قال: أشتكي على قتيبة بن مسلم
قتيبة ابن مسلم أعظم فاتح في الدنيا القائد الأعظم في جيوش عمر بن عبد العزيز
الآن الشكوى على هذا القائد العظيم أعرف أنها ليست الشكوى بين اثنين في الشارع
فقال: أدخل، أجلسه هدّأه
قال: قل
قال: أرسلني الكهنة فأخبروني أنه من عادتكم أنكم عندما تفتحون أي بلد
أنكم تدعون قومه إلى واحدة من ثلاثة أمور إما إلى الاسلام وإما إلى الجزية وإما إلى الحرب
قال: نعم
قال ومن حق أهل البلد أن يختاروا واحد من الثلاثة
قال وليس من حقكم أن تهجموا عليهم فجأة ولا تعطوهم الحق في الاختيار
قال الخليفة نعم الله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك
وما أمرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالظلم ولم يجزه لنا الله سبحانه
وقال أوجب علينا العدل في المسلمين وغير المسلمين
قال: فإن ذلك لم يحدث
السمر قندي الآن يقول:
قتيبة فاجأنا لم نرَ إلا جيوش هجمت علينا فسقطت سمرقند
لكن ما أعطانا الاختيار وسيطر على سمرقند بهذه الطريقة قال هذا قولك!؟
أنا لا أتوقع، شوفوا أيضا عمر بن عبد العزيز عادل ما سمع و صدق قال إنتظر،
فنادى قال: يا غلام فجاء الغلام مع دفتر وقلم ورقة صغيرة بيده
فأخذها عمر بن عبد العزيز وكتب عليها وختمها وضع الشمع حيث وضع عليها ختمه
فمعروف أنها منه ولا يفتحها أحد إلا والي سمرقند
كان قتيبة بن مسلم ترك سمرقند وترك عليها والي وأكمل الفتوحات
وقال خذ هذه الرسالة رسالة من سطرين إلى والى سمرقند قال له: والظلم الذي وقع علينا
قال: خذها لن يقع عليكم ظلم..
استغرب السمر قندي فأخذ الرسالة الغالية الصغيرة لا يدري ما فيها
ورجع يسير ويطوي الأرض مرة أخرى لكن في هذه المرة غير المرة التي جاء فيها
في الطريق وهو ذاهب إلى دمشق كان كافرا الآن رجع مسلمًا
وكان في كل مرة يتوقف في مسجد يصلي فليتّف عليه الناس لمّا يعرفونه غريب
فيأتون إليه ويكرمونه و يشاركونه، أحسّ أنه صار جزء من جماعة كبيرة وأمة عظيمة
وعرف أن عظمة هذا الدين المسلمين يؤُمهم واحد منهم لا في قساوسة ولا في كهنة مختبئين في غابة
دين واضح لا معابد ولا تماثيل لا حجارة تُعبد لا آلهة غير الله عز وجل
الكل يقف صفا واحدا لا كبير لا صغير لا مأمور لا أمير
شعر أنه يتعامل الآن مع أمّة من صنف آخر ووجد أنهم كلهم يتجهون في اتجاه واحد
أينما ذهب الكل يتّجه في دائرة عظيمة نحو الكعبة الكل القريب والبعيد العُبّاد والعلماء والأمراء
الكل يتّجه في صلاة وإذا صلوا فإذا هم في صلاة بلا إزعاج ولا ضجيج
في منتهى النظام والخشوع والوقوف بالتّبتل أمام الله عز وجل ونسيان للدنيا
وانشغال بما يقرأون أو يسمعون من القرآن عرف أن الإسلام صار عظيما
لم تثقله الدنيا ولم ينشغل بها ولم يجد أي مشقة في طريق العودة
في كل مكان يجد من يستضيفه ليدخل المسجد خلاص الناس تعرفه فتستضيفه
فلم يشعر بطول الطريق ولا ببعد ولا مشقة ولا ألم حتى وصل إلى سمرقند
وقد تغيرت نظرته ليست فقط لدينه وإنما لنفسه وللحياة
ثم بدأ يتذكر تلك الأصنام التي يعبدها فتذكر أن ضربة واحدة بفأس ستكسرها
ثم ذهب إلى الكهنة وكان يريد أن يكسر الأصنام لكن أجّل حتى يرى الحكم في هذه القضية
ويرى لعل قومه يدخلون الإسلام ودخل على الكهنة وقرع الباب ففتح له
ورآه الكهنة الآن بعد أكثر من شهرين غياب وظنوا أنهم لن يروه فقالوا ما حدث!؟
فأخبرهم بالقصّة وكانوا كلّما تكلم لهم بشيء أعينهم تخرج من وجوههم من الدهشة
وحناجرهم تخرج صيحات الإستغراب في بشر بهذه الطريقة!؟
في حاكم يحكم بهذه الطريقة!؟
فقال: جاءكم الفرج وجاءكم العدل إذا في إنسان بهذه الطريقة سَيُرفع عنكم الظلم
وأمروه فحمل الكتاب وقالوا الكتاب الذي جبته فتحته!؟
قال: ما فتحته خشيت أن أفتحه ربما العامل لا يقبله أو يقول غيرنا فيه ولعبنا فيه ويضل مختوم قالوا:
حسنا فعلت، خذ هذا الكتاب إلى الوالي يسمونه العامل عامل سمرقندي
يعني حاكم سمرقند والي سمرقند من قبل المسلمين هذا الذي عيّنه قتيبة بن مسلم
هو قائد الجيوش الفاتحة في الشرق من قبل عمر بن عبد العزيز أخذ السمرقندي
رسالة وطلب اللقاء بالوالي ففتحت له الأبواب
فجاء إلى الوالي قال: مالك !؟
قال: عندي رسالة
قال: ممن!؟
قال: من عمر بن عبد العزيز
قال: غريب..!! عمر بن عبد العزيز يرسل معك أنت رسالة!!
المفروض يرسلها مع الرسل الذين يأتوننا بأوامره باستمرار يعني لماذا معك!؟
قال: يريد أن يتأكد أن تصل إليك
وأنا وصاحب قضية وشكوى فأردت أن نرفعها إليك
قال: هاتِ الرسالة نظر إليها الوالي وإذا فيه ختم عمر بن عبد العزيز يعرفه قال:
صدقت هذه من أمير المؤمنين وتعجب الوالي وتعجب من حوله..!
كيف؟ لماذا الخليفة يرسل رسالة! فتح الوالي الرسالة وتعجب
سطرين فقط! وقرأها على العلماء والقضاة والأعيان والوجهاء
وإذ فيها من عمر بن عبد العزيز إلى والي سمرقند
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نصِّب قاضيا يحتكم إليه كهنة سمرقند
وكن أنت خصمهم نيابة عن قتيبة ما يريد قتيبة ابن مسلم يرجع من الفتوحات
قال أنت تنوب عن قتيبة إلا إذا أمر القاضي بغير ذلك وما قضى به فنفذوا
أمر من الخليفة بمحكمة انظروا محكمة لو حكم كان سمع من طرف واحد،
العدل هنا أن يسمع لطرفين وبما أنه الخليفة لا يستطيع أن يسمع للطرفين
عيَّن قاضي يسمع للطرفين الوالي طلب من رئيس القضاة أن يتولى هذه المسألة
حتى لا يحدث شك أنه جاب قاضي خاص يعني موالي له
فنفس القاضي معروف على المدينة هو الذي يدير شأن المحكمة
رئيس القضاة جُمَيع ابن حاضر البادي رئيس قضاة عندنا هو يقضي في هذه المسألة هل ترضون بهذا!؟
قالوا: رضينا بما أنك لم تغير القاضي معناه لا يوجد واسطات خاصة
وأحضر الوالي جُمَيْع بالمسألة وأعطاه رسالة عمر بن عبد العزيز القاضي
جميع ابن حاضر الباجي عيّن موعد للمحاكمة وأرسل الشاب إلى الكهنة يخبرهم بهذا الموعد
وأمر الوالي أن يأتي في هذا الموعد وتجمع أهل سمرقند مُسلمهم وكافرهم لهذه المحاكمة العجيبة
التي على مصير سمرقند، ذهب الشاب إلى الكاهن الأكبر وأخبره بما حدث
فأشرق وجهه أنه هناك من سيسمع له
بادله الأمل في أمل لعل هؤلاء يحكمون هؤلاء الذين غدروا بنا وهجموا علينا
من غير إنذار كما يفعلون مع المدن الأخرى،
الآن لعلهم يعدلون هو متشكك في عدلهم وجاء اليوم الموعود لمحكمة سمرقند أن العجيبة
واحتشد أهل سمر قند القاصي والداني الصغير والكبير مصير سمرقند سيتقرر في هذه المحكمة
وجاء الكهنة الذين لم يكن يراهم مختبئين في معبدهم في غابتهم والناس
حتى غير المسلمين ينظرون إليهم باستغراب ما هؤلاء
وجاء القائد الفاتح قتيبة ابن مسلم لما وصلته الأخبار أن هناك محكمة ستُعقد
عاد بنفسه هو الذي فتح سمرقند حقِّقوا مع الوالي لم يعرف قد تخفى عليه بعض التفاصيل
فجاء قتيبة بن مسلم طبعا الكهنة ما كانوا يتأملون شيئا كثيرا ماذا يتأملون!؟
ما المتوقع أن يحكم القاضي بطرد المسلمين من سمرقند
يحكم لهم للكهنة ولأهل سمر قند المغلوبين الذين فتحت بلادهم أن ترجع لهم بلادهم
يأمر للكفار أن يأخذوا البلدة من المسلمين هؤلاء الكفار الذين لا حول لهم ولا قوة
ولا جيش وهزموا وسيطر عليهم المسلمين والمسلمين صار لهم الآن عدّة أشهر يحكمون
ما كان عندهم كان أمل كان أملهم أن يعاد لهم بعض الأموال ينصفون بأي طريقة..
خاصة أن الذي جاء الخصم الان من!؟
قال: الآن القائد المظفر الفاتح يقولون لم يطأ أرض المشرق قائد أعظم منه
ولا أكثر انتصارا منه ولا أعظم فتحا منه كانوا يسمونه اسكندر العرب قتيبة بن مسلم
من كثرة البلاد التي فتحها وتجمع الناس يتأملون النظر إذا قتيبة وإلى الكهنة
وإلى هذا القاضي الذي الآن إلى الآن ما وصل الناس كلهم متجمعين والخصمين موجودين
والقاضي إلى الآن ينتظر أن تأتيه أخبار باجتماع الناس واستعداد الناس
حتى يدخل أرض المحكمة فيحكم
أعجب محاكمة سمِعت بها أذنا التاريخ وصلت الأخبار القاضية أن الجميع جاهز
شخصت الأنظار إلى باب المسجد عقدت المحكمة في المسجد
لأنه المكان الوحيد الذي يسع هذه الجموع وتوجهت الأنظار للباب الذي سيدخل منه القاضي العظيم
هذا القاضي الذي وضعت في عنقه أعظم أمانة وضعت في عنق قاضي مصلحة أمّة سيادة دولة
فتح عظيم بلد عظيم خفقت فوق راية الإسلام وأهل الإسلام حكموا هذا البلد بالعدل والشرف والحق
هل سيحكم لكفار على أساس أنهم لم يُبَلغو كل المسلمين والكفار
ما كانوا يتأملون أن هذا البلد ترجع للكفار ليست هذه القضية
القضية الآن كيف يعوض أهل سمرقند بأموال ولا بشيء من قبل هذا الخطأ الذي حدث في فتح هذا البلد
هذا هو الأمل الذي عند أهل سمرقند حتى صاحبنا السمرقندي المسلم
كان عنده هذا الأمل لعلهم يعوضون أهل سمرقند بشيء،
الكهنة كانوا أكثر شكًّا،
قالوا: هؤلاء غدروا فينا والآن ما نتوقع شيئا لعله نأخذ منهم شيء
جاء القاضي العظيم دخل وإذ بهيئة عربي نحيل ضئيل الجسم شاحب اللون على رأسه عمامة بسيطة جدا
ووراءه غلام معه دفتر وقلم هذا الرجل الضئيل القصير يمشي بين الناس رجل كبير في السن
والناس كل عيونها معلقة به حتى جاء ووصل إلى المحراب فجلس على الأرض محتبيا
والغلام واقف وراءه الناس متعجبة!! هذا الذي سيحكم في مصير دولة!؟
هذا الذي سيقاضي قتيبة الفاتح الأعظم في بلاد المشرق!؟
هذا قاضي المسلمين،
الكهنة لمّا رأوا هذا القاضي وحجمه وشكله إنطفات آخر شمعة من أمل في نفوسهم
هذا الشيخ القاضي همس في أذن الغلام فنادى الغلام بصوت عالي قتيبة بن مسلم هكذا
لا الأمير ولا القائد ولا أي ألقاب قم فاجلس بين يدي القاضي
قام قتيبة هذا الذي هزّ الدنيا قام من مكانه وجلس أمام القاضي
ونادى الغلام باسم كبير الكهنة أيضا بدون ألقاب قم إجلس بين يدي القاضي فجلس جنب قتيبة
وابتدأت محكمة سمرقند العجيبة بدأ القاضي يتكلم والصوت ضعيف خافت
فالتفت إلى صاحب الشكوى قال ما شكواك إلتفت إلى الكاهن
فقال الكاهن: القائد العظيم المبجل صاحب الشأن الكبير بدأ يمدح ،
قتيبة بن مسلم دخل بلدنا من غير إنذار كل البلاد الأخرى أعطاها إختيارات
دعوة للإسلام أو الجزية أو الحرب إحنا ما عمل بنا ذلك هجم علينا بدون إنذار
فالتفت القاضي للأمير العظيم والقائد الفاتح قتيبة قال:
يا قتيبة ما تقول هذه شكوى عليك ما ردّك عليها
فقال قتيبة القائد العظيم: أصلح الله القاضي الحرب خدعة هذا بلد عظيم
عقبة أمامنا فيه الأبطال وكل الذين من قبلنا كانوا يقاومون ولم يرضو بالجزية ولم يرضو بالإسلام
و هؤلاء لو قاتلناهم بعد الإنذار سيقتلون فينا أكثر مّا نقتل فيهم والحمد لله
بهذه المفاجأة حمينا المسلمين من أذى عظيم والتاريخ يشهد تاريخ من قبلهم يشهد
ولمّا فتحنا بلادهم ما وراءها كان سهل وهذا بلد بهذه مفاجأة
نعم نحن فاجئناهم بهذه المفاجأة أنقذنا البلد هذا من الكفر وأورثه الله عز وجل للمسلمين
فقال القاضي: يا قتيبة هل دعوتهم إلى الإسلام ثم إلى الجزية ثم إلى القتال!؟
قال: لا فجاءتهم لما حدثتك به من خطرهم
فقال القاضي: يا قتيبة قد أقررت خلاص لا يوجد داعي لا الشهود ولا غيرها
إذا أقر المدعي عليه انتهت المحكمة
يا قتيبة إن الله ما نصر هذه الأمة إلّا باتباع الدين واجتناب الغدر وإقامة العدل
والله ما خرجنا من بيوتنا إلّا جهادا في سبيل الله
وما خرجنا لنملك الأرض ونحتل البلاد ونعلوا فيها بغير حق ثم أصدر هذا القاضي حكمه.
حكمت أن يخرج جميع المسلمين من هذا البلد ويردوه إلى أهله ويعطوهم الفرصة ليستعدوا للقتال
ثم يدعوهم ويخيروهم بين الإسلام والحرب والجزية فإن اختاروا الحرب كان القتال،
أهل سمرقند والكهنة الجالسين سمعوا لكنهم كذّبوا عيونهم وكذبوا آذانهم
ظنوا أنهم في حلم وظلت أعينهم معقلة مبهوتين ما تكلموا شيء
فقط ذكروا شكوتهم لم يأتو بشهود ولم تحدث محاكمة
دقائق فقط كل هذه المحاكمة حدثت في دقيقتين
لم ينتبه أكثر أهل سمرقند أن المحاكمة انتهت
القاضي ذهب إلى الباب الذي جاء منه وقام الأمير قتيبة وانصرف صاحبنا السمرقندي المسلم
أخذ ينظر في وجه الكاهن الأكبر فشعر أن نور الإسلام دخل في قلبه
رأى فيه رقّة ورأى فيه روحانية لم يره من قبل الكاهن
بدأ يقارن العالم الذي كان يعيش فيه والدنيا التي كان يديرها
ويقارنها بهذا الذي حدث أمامهم في لحظات من عدل
هل في أمّة جاءت وفتحت الدنيا إلّا من أجل المال والسيطرة والحكم؟!
هل في بشر يفتحون بلد ويتركونها هكذا يسلمونها لأهلها وهي أرض خصبة واسعة مزدهرة بالخيرات
فرأى أن الإسلام أكثر خيرا منها بجماله وعدله وتذكر العالم الذي هو يعيش فيه
فإذا هو في كهف معتّم وسط الصخور في غابة لا يبلغها شعاع الشمس وليس فيها ضياء قمر
ولا فيها زهر ربيع ولا فيها جمال مجد ولا فيها جلال إيمان ولا فيها عدل
كالذي أمامه يحدث بين يديه وبدأ نور الإيمان يدخل في قلبه
وبدأ يقارن ديانته بهذا الإسلام العظيم مضيق الأديان من سعة الإسلام
أي ظلمة الأديان من نور الإسلام أين ظلم الأديان من عدل الإسلام
ثم بدأ يفكر قال هل سأعود إلى المعبد أرجع إلى الغابة وإلى تلك الآلهة
التي لا تتحرك ولا تتكلم ولا تضر ولا تنفع ماتت ديانته في قلبه بسبب عدل المسلمين
ثم بدأ يفكر يقول هذا الأمر يحدث الآن يعني كل كلامهم
معقول المسلمون يعني فعلا ينفذون هذا الأمر
وجلس بين الكهنة يتشاورون متى سيحدث هذا الأمر هل سيحدث؟!
متى سيخرج المسلم ماذا سنفعل؟
وإذ بأصوات صليل وأبواق وتحركات وإبل فخرجوا من المسجد وإذا الرايات
قالوا ما هذا قالوا المسلمون نفّذوا الحكم الجيش الآن بدأ ينسحب وكل المسلمين بدأوا ينسحبون من سمرقند
فورا بدأ التنفيذ في ساعات هذا الجيش الذي لم يقف أمامه أحد
من يثرب مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم شرفها الله تعالى إلى سمرقند
هذه جيوش المسلمين التي اكتسحت كسرى وقيصر وخاقان
الجيش لم يقف أمام أحد ترد كلمه من شيخ هزيل خافت الصوت معه غلام صغير
بعد محاكمة لم تستمر إلا دقائق ثم تذكروا أن هذا الجيش لن يغادر ويذهب بهذا الجيش
سيعطيهم إنذار الآن لابد أن يستعد ليقاتلوا أعدل جيوش الأرض هل سيستطيعون رد هذا الجيش!؟
هل الظلم يرد العدل!؟
بدأ كبير الكهنة يشاور أصحابه ما تقولون!؟
السمرقندي المسلم لي راح رسول
قال أنا أقول لكم ما تقولون:
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله هذا دين الحق
وليس أحجار صنعتوها لا تضر ولا تنفع ففوجئ الجميع بكاهن سمرقند الأكبر
يقول صدقت وأنا أشهد بهذا الدين المسلمون الذين جالسين في المسجد حواليهم بدأوا يكبروا
فتزلزلت سمرقند بالتكبير ووصل الخبر إلى قتيبة وإذ بالكهنة دخلوا في دين الإسلام
ودخل الناس في دين الله أفواجا وطلبوا من الجيش المسلم أن يعود إلى سمرقند
ويحكم سمرقند ما في حاكم ولا محكوم ولا غالب ولا مغلوب صاروا إخوانًا في الله
العربي والعجمي ما في قوي ما في ضعيف التقوى والصلاح والخير
دخلت سمرقند كلها الإسلام بكلمة هذا القاضي بعدل الإسلام
وإلى اليوم أهل سمرقند يدينون بإسلامهم إلى هذه المحكمة العظيمة العجيبة
أعرفتم قصة محكمة سمرقند هل مرت عليكم في الدنيا قصّة مثلها في العدل والإنصاف!؟
بل هل مرت في البشرية أمّة الإسلام العظيم
هذه حضارتنا هذا هو ديننا قارنوا هذا بما تقيمه الدول العظمى اليوم من ظلم في البشرية
إذا الأمر لصالحهم تركوه وإذا الأمر ليس لصالحهم تركوا الطغاة وغيرهم يتصرفون ولا يتدخلون
الظلم لا يزيله إلّا عودة للإسلام العظيم بعدل الإسلام العظيم.
المصدر: هنا
لمزيد من قصص شخصيات تاريخية وإسلامية يمكنكم الإطلاع على هذا النوع من القصص من خلال هذا القسم 👈شخصيات خلّدها التاريخ👉