رواية الغريب الجزء الثاني
السيد فتحي: لا..لا..كلا لكن ما هذه الصدفة، ويا محاسن الصدف
هنا استبشر خالد خيرا وسُرّ بهذه العبارة
خالد: بشرني الله يبشرك بالخير
السيد فتحي: أخاف أن أصدمك بالخبر
تحمّل الصدمة الجميلة التي سأقولها لك لربما تقضي على قلبك من كثره الفرح
خالد: قل قل لم أعد أحتمل صبرا لقد تجهزت لسماع هذا الخبر المفرح الذي يثلج الصدر
السيد فتحي: مراد منصور هو نفسه الشخص الذي تقيم عنده منذ مدّة، نعم هو بذاته وصفاته
كيف لم تعرفه من إسمه؟!
هنا خالد إرتعد كامل جسده ولم يعرف ماذا يقول من شدّة الفرح ثم قال:
أنا لم أسأل عن إسمه بالكامل إعتقدت أنها قد تكون مجرد تشابه للأسامي فقط
وما أكثرهم الذين يحملون إسم مراد
أنا لا أعرف هل أنا في حلم أم حقيقة
السيد فتحي: نعم إنها الحقيقة
قم الآن وأخبر خالك بذلك،
أو يفضل أن تكلمه في الصباح فالوقت الآن متأخر
أفضل من أن تصدمه بخبر كهذا وتسرق منه نومته
عاد خالد إلى فيلا خاله، يستطيع الآن أن يناديه خالي
مراد بعد أن عرف الحقيقة آوى إلى فراشه وهو يفكر طيلة الليل بهذه الصدفة والقدر الجميل
الذي جمعه مع خاله بكل سهولة دون عناء ومشقة
وبدأ يتخيّل ردّة فعل أمه وهو يدخل عليها بصحبة خاله
في صباح الغد إستيقظ باكرا ليقابل خاله أو بالأحرى لم ينام الليل كله
ينتظر بزوغ الفجر ليرى حلمه هو وحلم أمه
خرج السيد منصور، مراد متجها نحو الباب للذهاب إلى العمل كعادته
ما إن رآه خالد قفز من مكانه دون أن يرتب مقدمة للموضوع بل اندفع قائلا: خالي ..خالييييي
إستغرب السيد مراد كيف له أن يناديه بهذا النعت هذه أول مرة يقول فيها خالي غريب جدا
خالد هل يمكنني أن آخذ من وقتك قليلا عندي موضوعا مهم جدا ويهمك أنت أيضا ولا يحتمل التأخير
جلس السيد منصور وقال: خير إن شاء الله هاتِ ما عندك
خالد: هل يمكنني أن أتطفل قليلا عن بعض المعلومات الشخصية عن حياتك الخاصة وخاصة ماضيك
إستغرب السيد منصور كيف له أن يتجرا ويكلمه بهذه الطريقة!!
حسنا ما هو بالضبط فضولك!؟
خالد: لا.. لا تفهمني غلط ليس فضول وإنما كشف الحقيقة
السيد منصور: كشف الحقيقة!! وأي حقيقة!؟
خالد هل لك معارف أو أقارب خارج البلد ولم تراهم منذ مده طويلة
السيد منصور؛ لا أعرف أخوالي ولا أعمامي منذ وُجدت في هذه الدنيا أما بالنسبة للعائلة المقربة
فوالداي توفيا وعندي أخت واحدة هي أيضا توفيت مع زوجها وابنها بعد مدة من وفاة والدي
ولم يعد لي أقارب ولا أرحام
لربما خيرة من الله أن لا يوجد يوجد لي رحم مسؤول عن السؤال عنهم
ومعرفة أحوالهم فقد لا أكون قدر المسؤولية في صلة الرحم
وبهذا لا أحمل ذنب أحد في السؤال عنه بالظبط هذا كل ما عندي بخصوص سؤالك
ثم إلتفت السيد منصور إلى خالد ليسأله هل عندك سؤال آخر
حتى رأى خالد غارق في دموعه
تفاجأ السيد منصور عن سبب بكائه ثم ظن منه أنه فقط أشفق على حاله
السيد منصور: هوّن عليك يا بني فالزمن كفيل بتضميد الجراح
خالد: ليس لهذا أبكي
السيد منصور: إذا ما سبب بكائك!؟
خالد: بالله عليك أخبرني كيف توفيت أختك وكيف سمعت بهذا الخبر!؟
السيد منصور: ومايهمك أنت من كل هذا!؟
خالد: فقط أخبرني وسأروي لك الحقيقة بأكملها
السيد مراد: هذا يا بني كنت أعيش مع أختي في كندا بعدها إفترقنا؛
هي وزوجها وابنها هاجرا إلى فرنسا وأنا أتيت إلى هنا
وبعد سنة وصلتني رسالة بريد من أخ زوج أختي أن العائلة بأكملها توفيت في حادث سيارة مميت
أختي وزوجها وابنها
ووقتها كنت قد بدأت في طريق إدمان المخدرات والكحول
ووقع هذا الخبر كان مثل الصدمة العنيفة على نفسيتي مما زاد من حدّة الحالة النفسية
فلم أتقبل هذا الخبر وحاولت الهرب من الحقيقة ورفض الخبر
فزودت من جرعاتي اليومية في تناول المخدرات والكحول بشكل مفرط
وحاولت أن أرسل إلى أخ صهري لمعرفة مكانهم حتى آتي لزيارة قبرهم
والتّرحم عليهم وبهذا أنهي الأمل من ملاقاتهم
لكن إنتظرت طويلا ولم يأتِ رد فأكملتُ في مسيرة الإدمان ما يقارب ثلاث سنوات
وبعدها لطف الله بي وأرسل لي أناس ساعدوني في الدخول إلى المصحة للعلاج
وخلال سنة ونصف عدت إلى حالتي الطبيعية مثل ما كنت قبل أن أدخل الطريق المظلم
عافانا الله ولله الحمد وأعدت بناء نفسي من جديد
يا بني لقد قلّبت علي المواجع والذكريات الأليمة
وزاد خالد ذهولا بعد سماع القصة كاملة و دموعه كالشلال المتدفق
وكاد يغمى عليه ثم تشجع لقول الحقيقة،
لكن خاف من ردّة فعل خاله لكن استجمع قواه للبوح بالسر الذي طال غيابه أكثر من عشر سنوات
كل هذا والسيد منصور مستغرب لا يعرف ما الذي يحدث
ولما كل هذه الدموع والدراما التي يمثلها خالد أمامه
خالد: الأمل ما زال حي
السيد منصور: أي أمل يا بني وعمّا تتحدث لقد تأخرت عن عملي
لو أجلت هذا الموضوع للمساء كان أفضل لكن لم أعرف ما المغزى من كل هذه الأسئلة والإستفسارات
خالد: أخاف أن أصدمك بالحقيقة
سيد منصور: أي حقيقة لقد أقلقتني
خالد: أنا خالد إبن أختك أمينة منصور
وأختك ما زالت على قيد الحياة حيّة ترزق وكل همّها في هذه الدنيا أن تراك قبل أن تفارق الحياة
تيبس السيد منصور ولم يحرك ساكنا، لقد تجمّد الدم في عروقه وتيبست أعضائه من سماع خبر كهذا
وكأنه في حلم وبعد لحظات نطق السيد مراد منصور:
ماذا تقول يا بني لم تعد قدماي تتحملني، هل هذا هديان أم حلم أم هي الحقيقة بعينها
خالد: نعم هي الحقيقة بذاتها حاول أن تتفحص وجهي وملامحي
لربما تجد شيئا من الشبه لأبي أو لأمي
سيد منصور: يا إلهي ما الذي أسمعه! هل هذه حقيقة؟ كيف ولماذا ومتى ومن الذي حصل!؟
كيف وصلني كتاب من عمك يخبرني فيها بوفاتكم جميعا!؟ ما مصلحته من هذا!؟
آآآه أشعر بالدوار والغثيان
نبيلة إيتيني بكوب ماء...
فك السيد مراد ربطة عنقه وأرخى جسمه على الأرض وكأنه مغشيا عليه
ركض خالد مسرعا ليأتيه بكوب الماء
إستعاد السيد منصور بعض وعيه والقليل من قوته ثم قال لخالد:
لذلك إرتحت لك أول ما رأيتك لقد وقع في قلبي شيء من حبك وقربك وكأني أعرفك منذ مدة
أو أن هناك رابطة تربطني معك لذلك وثقت فيك وأحببتك أنت من ريحة الغالية
وتعانقا بدموع ساخنة منسكبة على وجنتيهما
ونبيلة وزوجة السيد مراد واقفتان يشاهدان الفيلم والدراما ولا يعرفان ما الذي يحدث
وفي نهاية اليوم إجتمعت العائلة كلها ومعهم نبيلة وخالد
شرح السيد منصور القصة لزوجته ونبيلة والأولاد يستمعون لهذه القصة المثيرة
ثم أكمل حديثه قائلا:
أما بخصوص عم خالد فقد إخترع هذه الكذبة، عندما توفي أخوه أرسل إليّ بالخبر الكاذب
أن العائلة جميعا ماتت فقط ليستولي على إرث أخيه وما يملك كله لوحده
وترك هذا اليتيم وأمه في بيت صغير واستولى على الراتب الذي تصرفه الحكومة على الأرملة واليتيم
ولو كان هذا الشيء بسيط لا يسوى شيء
إلا أن الطمع أعماه واختلق كذبة مثل هذه وحرمني من أختي كل هذه السنوات لكن حسابه معي عسير جدا،
سأدخله السجن حتى يتأدب لن أسكت عن هذا الهراء
ردّ خالد قائلا: لكن أنا لا أعرف عمي ولا أين مكانه
السيد منصور: سأجده لو كان تحت الأرض أو في أقاصي البلاد
والآن لابد لي أن أرسل لأمك للقدوم إلى هنا
سأرسل لها باسمك عندما تصل إلى هنا ستعرف الحقيقة كلها
أما بالنسبة لخالد ونبيلة فقد تطورت العلاقة بينهما أكثر
واعترف خالد بحبه لنبيلة وعرض عليها الخطبة والزواج عندما تصل أمه و يستقر حالهما
النهاية
بعد مرور شهر من إرسال خالد البريد إلى أمه، وصلت والتقت بإبنها وقال لها:
صحيح لم أعد إلى الديار ومعي خالي كما وعدتك لكن وفيت بوعدي وعثرت عليه
إجتمعت العائلة واستقر حال خالد ووضعه المادي وتزوج من نبيلة
أما السيد منصور لم ينس حسابه مع عم خالد
وزجّ به في السجن عقابا على طمعه وجشعه واستعاد حق أخته وابنها كله
واجتمعت العائلة واستقر حال خالد ووضعه المادي تحسن
واستطاع أن يشتري شقة بمساعدة من خاله وتزوج من نبيلة وعاش الجميع في سعادة وهناء
العبرة
لمزيد من الروايات والحكاية الشيقة والممتعة يمكنك الإطلاع على قسم حكاية من هنا