';function Lazy(){if(LazyAdsense){LazyAdsense = false;var Adsensecode = document.createElement('script');Adsensecode.src = AdsenseUrl;Adsensecode.async = true;Adsensecode.crossOrigin = 'anonymous';document.head.appendChild(Adsensecode)}}

قصة الوفاء

قصة الوفاء
قصة الوفاء


قصّة الوفاء

الوفاء من أنبل الصفات الخُلقية، قصّة اليوم قصّة تاريخية قديمة واقعية، ستستمع بقراءة مجريات أحداثها
نقترح عليك قصّة أخرى مشابهة عن الوفاء من👈هنا👉

بقيود مكبّلة على يديه ورجليه والكدمات والجراحات وعلامات الضرب المبرح قد غيّرت ملامح وجهه؛ امتثل أمام الخليفة المأمون وبنظرات حادّة من هذا الأخير توحي بغضب شديد أشار إلى صاحب الشرطة "العبّاس بن المسيّب" 
تولى أمره بتشديد الحراسة عليه، والحذر الحذر أن يفلت منك فضرب رقبتك بمكانه لا يشفي غليلي
إلى أن أُرسل لك في طلبه صباح الغد..
خاف قائد الشرطة "العبّاس بن المسيّب" من شدّة لهجة "المأمون" في شأن هذا الرجل

ورأى أن لا يغيب عن نظره لمحة واحدة لمّا رأى من الخليفة من علامات الغضب وتشديد اللهجة في الحفاظ عليه
فأمر العبّاس رجاله أن يحملوه وهو مكبّل بالقيود إلى منزله وبالتحديد في غرفته حتى لا ينفلت منهم خطأً أو عمداً وخيانة
وتكون رقبته كبش فداءٍ أمام الخليفة المأمون
وبعدما نقل رجال العبّاس الرجل المتّهم بجريمة مجهولة!!
انصرفوا وانفرد به "العبّاس" وكلّه فضول وتساؤلات عن الحال الذي عليه هذا الرجل!
وما الجريمة التي اقترفها بحق نفسه حتى دفعت الخليفة المأمون لأن يثور غضبه لهذا الحد؟؟

بادر العباس بسؤال الرجل قل لي يا هذا من أنت ومن أين أتيت!؟
الرجل: أنا من دمشق
العباس: ماذا من دمشق؟ والله إن أهلها طيبين أكارم لم أر منهم إلّا الخير والكرم
ومن أنت من أهلها!؟
الرجل: واحدٌ من أبناء دمشق، أراك معجب بدمشق وأهلها!؟
العبّاس لقد تذّكرت صديقا لي وأتمنى أن أسال عنه وعن أخباره وقد اشتقت له كثيرا..
الرجل: ومن هو ذاك الرجل!؟
العباس: إنه "أبو مروان الحارثي" هل تعرفه!؟
الرجل: ومن أين تعرف أبو مروان الحارثي!؟
العباس: لقد وقعت لي معه قصّة وموقف لن أنساه له ما حييت، خبّرني بالله عليك هل تعرفه!؟
الرجل: لن أخبرك حتى تخبرني ما قصتك معه!؟
العبّاس بانزعاج: ويحك ما شأنك في أمر بيني وبين صديقي إن كنت تعرفه فأخبرني عنه!؟

غير أنّ الرجل تمسّك برأيه وأصرّ أن يعرف قصّته مع أبو مروان..
تمالك العبّاس أعصابه أمام هذا الرجل الضعيف المكبّل وأحبّ أن يتبادل معه أطراف الحديث لعله يوصله لأخبار صديقه؛
وأنشا يقول:
قبل سنتين من الزمن كنت أعمل صاحب الشرطة عند والي دمشق وبينما نحن بالقصر؛
إذ هجم على القصر جماعة محرّضين خارجين مُنكِرين لوالي دمشق وأرادوا اقتحام القصر وقتل الوالي وحاشيته.
وبأعجوبة استطاع مجموعة من الحراس اغلاق الباب قبل الوصول داخل القصر
واستطعت الفرار مع الوالي ومجموعة ممّن كانوا داخل القصر من الباب الخلفي وتفرقنا وسط المدينة
وكل منّا سلك طريقا يلوذ بالفرار إلى وجهة مجهولة.

وبينما أنا أركض حتى لمحت شخصا يجلس على عتبة بيته واستغثت به من بعيد:
يا أخا العرب أغثني أغاثك الله وفورا أدخلني بيته ولحظتها لمحني ثلاثة أشخاص من العصابة داخل الشارع
واقبلوا على الشخص يطلبونني غير أنه أنكر لهم أنه دخل أحد بيته
وتشابك معهم حتى كادوا أن يقتلوه وأصرّوا دخول البيت ليفتشوه.
وقتها أغاثتني زوجته وأدخلتني مقصورتها مع نساء البيت.
وارتميت أرضاَ تحت السرير لا أقوى على التّحرك من شدّة الركض والخوف من الهجوم العنيف.

دخل الجماعة البيت عُنوة ليفتشوا ويعثروا عليّ
قال لهم صاحب الدار:
دونكم المنزل فتّشوه...
ووالله فتّشوه شبرا شبرا وكأنهم يبحثون عن إبرة في كومة قش.
وعندما لم يجدون؛ تبادر إلى أذهانهم أني مختبئ مع النساء
فهمّوا بالولوج إلى مقصورة النّساء وما كادوا اقتحام المكان الذي اعتزلت فيه النّسوة ؛
حتى علا صراخهن واستغثن النجدة!!.. النجدة!!..
 فعادوا أدراجهم للبحث عني في مكان آخر.

خرج الرجل ليتحرّى الوضع ويطمئِنني بابتعاد العصابة وقال لي:
لا تخف قد صرف الله عنك شرّهم وأنت بأمان الله في بيتي وأنا بخدمتك.
ووالله قد عجزت عن شكره وزوجته على صنيعهم بي ورغم ذلك مكثت عنده مدة أربعة أشهر
ولم يكل أو يمل من ضيافتي وأجزل لي جزيل الكرم و الضيافة
في أثناء هذه الفترة كنت أخرج معه إلى عمله متنكرا بلباس قديم يوحي أني من فقراء المدينة
حتى لايعرفني أحد ويوشي لي عند العصابة.

وبعدما هدأت الأوضاع واختفت الفتنة ولم نسمع لها خبراً عزمت على الرحيل..
وطيلة هذه الفترة لم يسألني فيها عن من أكون، سوى أنه يعرف أني أُكنىّ "بأبي هشام" فقط
وأوضحت له الأمر أنّ لي جماعة ولابد لي أن أسأل عنهم وأتفقد أحوالهم
فأخذ مني العهد على أن أعود وأطمنئه عن نفسي، جزاه الله خيرا..

وخرجت أسال عن رجالي وأعواني غير أني لم أعلم لهم خبراً
فرجعت وقلت للسيد الكريم أنه لم يعد لي بدٌ من البقاء في دمشق وعليّ الرحيل إلى بغداد لمواصلة عملي هناك.
حَزَن لفراقي وقد أُسعِد جدا بهذه المعرفة والصحبة المخلصة
وبادلته أنا أيضا مشاعر عميقة صادقة عن شكري وامتناني لكرمه
ولا أعرف كيف أجازيه عن صنيعه بي
واقترح عليّ أنّ قافلة ستخرج بعد يومين إلى بغداد؛ على أن أرافقهم السفر
وراح يؤكد لي أن داره مفتوحة لي في أي وقت

وفي صباح اليوم الثاني طلب من غلامه أن يجهّز الفرس
فقلت في نفسي لابّد وأنه متّجه إلى مكان لقضاء عمل ما
وفي صباح اليوم الثالث أيقظني وقال لي أن القافلة تخرج السّاعة
وانشغل بالي كيف أحصل على فرس وزاد للسفر واستحيت أن أطلب منه هذا وليس معي لا دينار ولا درهم فماذا أصنع!!
وكّلت الأمر لله لعلي أجد مع القافلة شيء من الزاد الزائد عن حاجتهم.

وبينما أنا متّجه ناحية الباب أُودّع صاحبي حتى وجدته وزوجته ينتظران رحيلي والفرس أمام الباب وزوجته تحمل بيدها زاد السفر فأيقنت أنهم على سفر لمكان ما..
غير أن صاحبي تقدّم لي بصُرّة الأكل وصندوق به أفرشة وألبسة من أجود المتاع
قد وضعها على البغل، ثم قدّم إليّ الفرس وختمها بمبلغ 5000 درهم
وأنا مندهش ممّا رأته عيني ما هذا يا أخا العرب!؟
هذا زاد سفرك واعذرني إن قصّرت معك بشيء
اغرورقت عينيّ بالدمع ولم أعرف كيف أشكره وودّعته بعناق حار، ودعوت له بالفضل والخير

وركب معي إلى حيث القافلة وأوصى بي مجموعة من معارفه
وتوجّهت قاصدا بغداد في أمان واطمئنان غير ناس لفضل هذا الرجل؛ وأنه دين على رقبتي عليَّ أن أسدّدّه له.
التحقت بقصر الخلافة لخدمة "أمير المؤمنين المأمون"
إلّا أن طبيعة عملي حالت دون أن أصِلَ صديقي أو أن أسال عنه...
وأنا الآن وبصفتك من أهل دمشق أسألك إن كنت تعرفه من قريب أو بعيد فتختصر عليّ سُبُل السؤال عنه؟ 

وبينما كان الرجل منزوي بظهره عن العبّاس وهو يسمع قصّته مع "أبو مروان الحارثي"
التفت إليه "العبّاس" حتى يرى الدموع منهمرة من وجه الرجل قد غسلت بعض الدماء المتيبّسة على وجهه من أثر الضّرب والكدمات استغرب العباس وسأله عن سبب بكائه وهل أبو مروان يقربه!!
أو أنّ القصّة أثّرت فيه..! ما الخطب؟
العباس: ها أنا (يا أخا العرب) حيث لايسمح لي أن أخاطبك بأخي والخليفة غاضب منك
وفي الوقت نفسه لا يحق لي أن أحكم عليك دون أن أعرف تهمتك ...
قد قصّصت عليك قصّتي مع "أبو المروان الحارثي" فهل تجيبني عن سؤالي إن كنت تعرفه؟

الرجل: "أبو المروان الحارثي" هو نفسه الشخص الجالس و المقيّد أمامك، فقد تغيّرت عليَّ ملامحك يا صاحبي ولم أعرفك
انصدم "العبّاس" ممّا سمعه ولم يصدق ما تراه عينه
واستجمع قواه وراح فورا يحضّر الماء وقطعة من القماش لينظف وجه "أبو المروان" من الدم،
أحضر له بعض الزيوت والأدوية ليسعف جراحه
وبعدما نظّف وجهه جيدا وظهرت ملامحه أيقن جلياً أنه هو "أبو المروان الحارثي" بذاته وصفاته
وكسر القيود من يديه ورجليه ومدّده على السرير ليرتاح قليلا وأحضر له الطعام والشراب 

وبعدما ارتاح ودبّت الحياة في عروقه؛ سأله العبّاس في حيرة ما الذي آل بك حتى امتثلت أمام الخليفة بهكذا موقف!؟
أبو المروان:
هذا يا صديقي قد اشتعلت بدمشق فتنة أكبر من الفتنة التي كانت في أيامك عندما كنت في دمشق؛
ونُسِبت إليّ زورا وبهتانا وألقيّ عليّ القبض للامتثال أمام الخليفة بهذه التهمة وأنا بريء منها براءة الذئب من دم يوسف...
فعندي لك طلب؟
قد ساقني القدر إلى هنا فجأة وتبعني غلامي وخرجت من عند أهلي دون وصية
فهل بعثت إلى غلامي حتى أرسل وصيتي إلى أهلي قبل أن ألقى حتفي؟
وتكون بذلك قد وفيت بوفاءك لعهدك وزيادة..

أسرع العبّاس لإحضار الغلام
ولمّا أوصاه أراد الغلام الانصراف فناداه العبّاس:
 إلى أين أنت ذاهب وهل تترك سيدك وتذهب!؟
أراد أبو المروان أن يشرح للعباس الأمر لكن العبّاس قاطعه قائلا:
 يا غلام خذ بيد سيدك إلى الباب،
فرأى أبو المروان عند الباب عشرة فرسان مجهزّة بكامل عدّة السفر وبأفخم الكسوة والأفرشة والطعام

ومدّ له كيسا مملوءا بعشرة آلاف درهم وكيس آخر بخمسة آلاف دينار
وطلب من وكيله أن يوصل أبو المروان إلى حد الأنبار.
ثم صاح أبو مروان قائلا ماذا تقول يا رجل!؟
إنّ ما تفعله مقابل قطع عنقك
ردّ عليه العبّاس:
انج بنفسك ولا شأن لك بمصيري..

غير أن الدمشقي أبا أن يغادر ويوقع صديقه في أمر حتمي إلى الهلاك
وأقسم عليه أن لا يغادر بغداد حتى يتأكد من سلامته وقال له:
إن احْتّجت حضوري لبّيت النداء.
فلمّا رأى العبّاس اصرار أبو المروان قال لوكيله:
انتظرني في الأنبار فان أنا سَلِمت في الغد أرسلت لك وإن هلكت فقد وقيته بنفسي كما وقاني بنفسه
وشدّد العباس على وكيله أن يحرصه وأن يخرجه من بغداد سالما معافى مع ماله وممتلكاته
وانصرف وكيل العباس وأبو المروان إلى حد الأنبار.

توجّه العبّاس إلى الاغتسال والتّطيُبْ ولبس الكفن ولبس ثيابه فوقه
وتوجّه إلى قصر الخلافة بعدما أرسل له الخليفة أن يَحضُر ومعه الوديعة .
دخل العبّاس إلى القصر وحيداً دون الرجل المقيّد
نظر له المأمون وبدأت شرارات الغضب تتطاير أين الرجل!؟
والله إن ذكرت لي أنه هرب لأضربن عنقك في مكانك.
العبّاس (ببرود مطمئن):
والله يا سيدي لم يهرب لكن اسمع حديثي للنهاية وبعدها افعل بي ما شئت
وقصّ عليه القصّة من أولها لآخرها وقال له:
 هذه قصّة هذا الرجل الشهم البريء
ونزع ثيابه وقال له ها أنا ذا أمامك قد تجهّزت بكفني قبل أن تضرب عنقي
ولستُ نادما على ما فعلت وكان لابّد عليّ أن أفي له بوعدي ولو على قطع رقبتي،

انبهر الخليفة المأمون أشدّ الانبهار وقال له:
 وهل تحسب أنك قد كافئته بما فعلت!؟
إنه فعل بك ما فعل من غير أن يعرفك وبعد أن عرفته كافأته بهذا لا غير؟!
هلّا أخبرتني مكانه فنكافئه مكانك ونُعوِضه ما لقي من عذاب وضرب وجراح.

أراد العبّاس أن يقرأ في عيني الخليفة الصِدق فيما يقول من عدمه؛ حتى اطمأنت نفسه لصدق المأمون
إنه ها هنا يا مولاي في الأنبار وقد أقسم أن لا يبرح مكانه حتى يطمئن لسلامتي
الخليفة: (وقد عَلَتْ وجهه أمارات الإعجاب بهذا الرجل الفَذْ البطل).
وقال للعباس:
والله إنّ هذه منّةٌ أعظم من الأولى اذهب إليه سريعا وهدِّئ من روعه وطَمّنه على سلامتك وسلامته.  

طار العبّاس سريعا على جواده ليبشر صديقه ويأتي به للخليفة
رحب الخليفة بأبي المروان وأثنى عليه وقرّبه إلى مجلسه وأدناه إلى مائدة الغداء قريبا منه
وعرض عليه ولاية دمشق لكن أبو المروان اعتذر واستعفى
فأمر له الخليفة بعشرة فرسان وعشرة بغال و 10,000 درهما
وكتب إلى عامله بدمشق أن يعفيه من الخراج ويحسن إليه وكان كل ما يصل بريد من دمشق؛ وفيه كتاب من أبي المروان الحارثي
يلتفت الخليفة إلى العبّاس ويقول له: هذا كتاب صديقك..
 إنه الوفاء...{ هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان..}

يسعدنا الاشتراك بصفحات مواقع التواصل الإجتماعي ليصلك كل ماهو جديد ومشاركة القصص مع أ صدقاءك

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-